15 févr. 2013

يد عون الى ان نمضي قدما

قبل أشهر كنبت أنّ الثّورة تتواصل بين مدّ وجزر وجزر .ولمّا ابتغت الجريدة حذف"جزر" الثّانية تمسّكت بها .وها أنّتي الآن أقول "إنّ الثّورة تستمرّ بين جزر ومدّ ومدّ..."بل وها أنّني أضيف "بل الثّورة أصبحت في مدّ عظيم ، هائل هادر و...ممتدّ."
لاحظوا :قليل هم  أولئك الذين يتسائلون "من القاتل؟"واستمعوا إلى الحناجر الهادرة : حناجر النّساء والبنات  والشّبّان والعجائز والأطفال  والكهول جميعا تعلن من هو القاتل  ، بل من هم القتلة ، وتتحدّى ...
تأمّلوا الصّور والفيديوهات : لا أحد كان يقود ...لا أحد كانت تصدر عنه الشّعارات لوحده ...التّاس جميعا كانوا يبادرون - يعبّرون – يصدحون – يفضحون- يتصدّون- يتعالون على الألم والغضب – ويدعون إلى أن نمضي قدما .
وتأمّلوا صور وفيديوهات وكلمات الطّرف الآخر: هجومات على الجنازة خارج المقبرة وداخلها (وأنا أعتذر هنا لفتى خطفوا هاتفه وحاول التّصدّي وكان شجاعا لكنّهم كانوا كثرا ورموه بالحجارة وهدّدوه بموسى ولم يكن في وسعي أن أنصره ...وعذري أنّني لم أعد في عنفواني وأنّني كنت حينها أحمي آخرين ...حدث ذلك في الطّريق إلى مربّع الشّهداء ) وغازات "تخطئ" طريقها فتتهاطل على الموكب وعلى المستشفى بدل أن تستهدف السّرّاق والمخرّبين ،وسيّارات – كميونات تهرّب المفسدين تسرع فتهدّد المعزّين والمارّة:وأناس "يخشون الله" يسبّون الشّهيد ويلعنون ذكراه ويتبجّحون علنا على الشّاشات وفي الشّوارع أنّهم لا يأسفون لاغتياله ، ووزراء يمتنعون عن الإقرار بشهادة الشّهيد وهو لم ينتظره منهم يوما – وسارقو الدّين  - وآسرو الله – يدّعون أن لا أحد يعرف تعاليمه سواهم – وينسبون له نصرته لهم وليسوا لا رسلا ولا أنبياء ولا حتّى أولياء صالحين ينفثون حقدهم وبغيهم ووعيدهم في كلّ مكان .
لا حاجة لنا أن نعرف من القاتل – القتلة فلقد عرفتهم الحناجر المتعالية على ألمها .
لا حاجة لنا أن نعرف من القاتل – القتلة فهو- هم  قد فضحوا أنفسهم هذا بصمته ،وذاك بصلفه والأخرى بادّعاءاتها وتبجّحها .
لا حاجة لنا أن نعرف من القاتل –القتلة فهو – هم قد أبانوا عن هويّاتهم بصلفهم- ووعيدهم-تهديداتهم  وبعبيدهم الذين سخّروهم – حرّكوهم على الشّبكة يفبركون وقائع مزيّفة ويركّبون الشّهادات المضلّة .
لا حاجة لنا أن نعرف من القاتل – القتلة ، فنحن وهم نعرف من القاتل القتلة وإن لم نعلم من ضغط على الزّرّ.
ولنتأمّل ما حدث وما يحدث ولنستعدّ لما سيحدث .
ارتقوا إلى السّلطة بالانتخابات ... لكنّه كان للانتخابات غاياتها  وكان للمرحلة استحقاقاتها وكان للسّلطات الوقتية إطار محدّد ... وتجاوزت السّلطات الوقتية إطارها المضبوط صلوحيات وأهدافا ، وتعدّت الظّرف الزّمنيّ المقرّر لها . ولم تهتمّ إلّا بغزو أجهزة الدّولة تركّز فيها تابعيها . ولم" تناضل" إلّا من أجل تأبيد بقائها على رأس حكم وإن وهن وتشتّت وغدا عاجزا عن الاستجابة لأبسط أحلام النّاس ولتأمين أدنى حقوقهم في البقاء ...أي أنّ السّلطات المؤقّتة تنكّرت عمليّا وعلى أرض الواقع لأحلام كلّ الذين تمرّدوا – تمرّدن وثاروا – ثرن ، وانقلبت حتّى على من انتخبوها ، وفشلت فشلا ذريعا – وهذا من طبعها وطبيعتها – في أن تصغي لنبض الشّارع ، ولم تتجنّد إلّا للتّرحيب بكلّ من هبّ ودبّ ممّن أنقدونا من مالهم  وكلامهم من المتعجرفين  والمتخلّفين والجهلوت  واللّاهثين شبقا يتستّر بالدّعوة ...
هم لم يخونوا الثّورة وأهداف الثّورة والشّهداء والجرحى . لا ، كلّا ، وألف كلّا . فهم لم يكونوا يوما مع الثّورة  ولا مع أهداف الثّورة وإن ادّعوا ذلك مخاتلة وتغريرا و خداعا .
هم هواة سلطة ... سلطة مطلقة ولم تستهويهم يوما المبادئ  التي توافقت عليها الإنسانية جمعاء وإن هم استمتعوا بغلّاتها .
هم غرباء عن هذا البلد تاريخا وفكرا وحسّا وجغرافية : انظروهم يدرّسون أبناءهم وبناتهم بالغرب الذي يشتمونه ...وانظروهم يؤسّسون الشّركات ويستملكون العقارات هناك ، وتذكّروا: كلّ الفاسدين والطّغاة يسارعون باستملاك عقارات خارج بلدانهم بل ذلك هو أوّل ما يفعلون ... وهؤلاء فعلوا حتّى قبل أن يتربّعوا على العرش...
هم سلاطين وخلفاء و أمراء ونحن في عرفهم رعايا – مسخّرون – أتباع –جواري  سريّات – منقادون – بل متاع .
الصّورة واضحة وجلية : هم قد أدركوا أنّ ما ادّعوه عن تمثيل الشّارع ووقوف النّاس وراءهم ليس إلّا سرابا ...هم تبيّنوا أنّ كلّ الأموال التي يستلفونها على حساب مستقبل أبنائنا لا تكفيهم لحلّ مشاكل النّاس هم فهموا أخيرا أنّ صلفهم وطمعهم ووعيدهم وتباكيهم وادّعاءاتهم هي كلّها تكتيكات غدت فاشلة وعاجزة ...هم قد أدركوا أنّهم لم يعد أمامهم للبقاء على عرش السّلطة إلّا طريق العنف والقمع والقهر والتّقتيل ...
لكنّهم سيكتشفون – وإن بعد أن يكونوا قد أحدثوا دمارا هائلا وجراحا مثخنة – أنّ هذا الشّعب قد تعلّم كيف يتغلّب على خوفه وكيف يغالب وجعه وكيف يروّض القدر ويمضي .
النّاس اختاروا مسارهم ...الجماهير هدرت بأهدافها ...نساؤنا زغردن للشّهيد وزغردن للمستقبل الوضّاء .فهل ستجد الطبقة السّياسية هذه المرّة سبيلها إلى ملاقاة النّاس ومستقبلهم؟               


مقال بجريدة ضد السلطة بتاريخ 16 فيفري 2013

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire