15 avr. 2018

إلى المسؤولين عن أمن البلاد وأمانها

إلى المسؤولين عن أمن البلاد وأمانها

تتسابق السّلطات هذه الأيّام  في مضمار ادّعاء إدراك الحلول الّتي يتطلّبها وضعنا الرّديء والتشدّق بإصلاحات كبرى بداتها أو على الأقلّ شخّصتها.
وليكن القدر في عونها.
غير أنّ إصلاحات أقلّ كبرا وقد تبدو للبعض مجرّد تفاصيل لا معنى لها بالنّسبة لمن يتغاضون عن أهمّية التّفااصيل  تطرح نفسها بحدّة وتنتظر من يأبه بها ويذهب في ظنّي أنّ الأخذ بها لا يتطلّب جهدا غير متاح وأنّ جدواها ستكون كبيرة لدى المواطنين جميعا وخصوصا لدى فئات الشّباب الّتي ما تزال تتشبّث ببصيص من أمل رغم أنّ الأمل أضحى قاتلا.

من هذه الإصلاحات الصّغيرة ذات الجدوى الكبيرة أذكر هنا وهذه المرّة مسألة التّنصيص على المهنة في بطاقة التّعريف ومسألة الاعتراف أو عدم الاعتراف ببعض شهادات العمل .

وفي الحالتين أنطلق من معيشي الشّخصيّ :
1. لا أدري لماذا بل في علاقة بطمعي في أن يسهل عليّ الحصول على تأشيرات سفر قد أفلح في ارتكابه رغبت عند دخولي في التّقاعد في أن تسجّل على بطاقة تعريفي ، وتبعا لذلك على جواز سفري ، مهنتي ووظيفتي قبل التّقاعد فتبيّن لي أنّ بطاقة التّعريف يكتفى فيها بالتّنصيص على وضعية التّقاعد فحسب .
بل وعلمت  إن لم تكن ذاكرتي تغالطني أنّه سيعمل لاحقا حتّى على عدم التّنصيص على المهنةبأيّة صفة.
ولكنّي لاحظت أنّ أعوان الأمن أو أغلبهم  كلّما تثبّتوا من هويّتي يسألونني عن المهنة والوظيفة الّتي تقاعدت منها .
وكمواطن أطمح إلى أن أعيش مواطنتي كاملة أي بما في ذلك حقّي في أن أفهم وواجبي في أن أسعى للفهم أسألكم ما السّرّ في هذا التّناقض ولماذا لا يرفع .ولا أخال إلاّ انّ كثيرين يرغبون في مثل ما أرغب.

2. ابنتي  - واسمها لينا بن مهنّي ولا أخالكم لا تعرفونها - اشتغلت أستاذة جامعي’ متعاقدة .وهكذا رسّمت مهنتها في بطاقت التّعريف وعلى جواز السّفر.
بعد ذلك انتهى تعاقدها وانضمّت إلى صفوف أصحاب الشّهائد المعطّلين . ولم يشفع لها في ذلك حتّى أنّها تنتمي إلى فئة المعوقين . لكنّها لم تستكن ولم تخنع .وظلّت تبتدع لنفسها أنشطة مختلفة تقتات منها حتّى متى كان الجهد الّذي تبذله أكبر بكثير من المكافأة الّتي تحصل عليها . بصفتها مدوّنة وصحافية مواطنيّة كتبت في جرائد ومواقع عدّة لقاء أجر أو دون أجر .وحصلت من ذلك على جوائز ذات صيت عالميّ ( جائزة صحيفة الموندو . جائزة إيسكيا للصّحافة...) ...وقدّمت محاضرات ومداخلات في بلدان عديدة . هذا عدا عن أنّها حصلت على جوائز وتكريمات دولية من أرقى مستوى ... ومن ذلك أنّها رشّحت لنيل جائزة نوبل للسّلام سنة 2011 وبلغت مرحلة القائمة القصيرة.وأنّها حصلت على جائزة سين ماك برايد للسّلام العالمي وعلى جائزة غ-فوروم الدّولية .و أنا أتجنّب هنا ذكر كامل ما جعلها تتميّز وتشرّف تونس في محافل عديدة فأنا أعلم أنّكم تعلمون وأنا حريص على وقتكم .
ابنتي لينا بن مهنّي هذه اضطرّت لاستبدال بطاقة تعريفها . فسجّل في خانة المهنة أنّها قائمة ب "شؤون المنزل ."
فطلبت أن تسوّى على الأقلّ بزملائها العاطلين من الذّكور فتسجّل على أنّها عاطلة أو عاملة يوميّة فرفض ذلك.
بعدها حصلت على عقد عمل وقتيّ مع جمعيّة تونسيّة مرخّص لها فرغبت أن تستبدل بطاقة التّعريف طبقا لذلك. فجوبهت بالرّفض .
ولأنّه يتعيّن عليها الآن تجديد جواز سفرها فإنّه سيكون عليها أن تجابه صعوبات التّأشيرات والتثبّتات مستقبلا بجواز ينص ّ على أنّ مهنتها هي "شؤون المنزل" وستجد نفسها تجابه الاستفسارات المحتملة بل المؤكّدة الّتي ستتهاطل كلّما سافرت بالاضطرار إلى شرح واقع الحال بما لا يعلي من صيت تونس .
وهنا أسأل أسئلة ثلاثة :
    - أليس في هذه الحال  أو على الأقلّ لانعكاساتها المتوقّعة تقييد غير مشروع ولاقانونيّ للحقّ في السّفر  وفعل بل أفعال تمييز؟
    - وأليس في هذه الحال مساس بالشّباب وتعطيل له وشحن لشعوره بالحرمان والحقرة ؟
    - ماهي المقاييس الّتي اعتمدت في ضبط المهنة ؟ 
وهل هي مقاييس معقولة ولها ما يبرّرها ؟ وأليس من النّافع تلافيها؟