21 nov. 2010

ملاحظات ومقترحات بخصوص بطولة المغرب العربي الثانية وبطولة  الشرق الأوسط الثالثة. وللمتبرعين والمستفيدين بزرع الأعضاء

احتضنت بلادنا، بين 21 و 25 أكتوبر الماضي، بطولة  المغرب العربي الثانية وبطولة الشرق الأوسط الثالثة لرياضة المتبرعين والمستفيدين بزرع الأعضاء.
وكمتابع للأنشطة الرياضية للمستفيدين بزرع الأعضاء التونسيين، وبعد أن سنحت لي الفرصة للإسهام في التعريف ببعض ممّا حقّقوه في بطولات عالمية وجهوية آخرها الدورتان العالميتان اللتان احتضنتهما تايلاندا (2007) ثم أستراليا (2009) والدورتان الجهويتان اللتان احتضنتهما الكويت وليبيا، وجدتُني أرغب في أن أبدي –على الملإ- الملاحظات والمقترحات التالية بشأن هذه الدورة الجهوية وما يستلوها :
·       يمثّل تنظيم الدّورة في حدّ ذاته حدثا إيجابيا يبرهن على عطاء من بادروا بتنظيمها وسهروا على فعالياتها. غير أنّه قد يحقّ للمتابع أن يتساءل : لماذا اقتصرت المشاركات على تونس والكويت والعربية السعودية وإيران دون سواها من بلدان المنطقة المعنية بالدّورتين ؟ ولماذا غاب الإعلام –أو كاد- عن الدّورة : صحيح أن القناة الدّولية وللإذاعة الوطنية وجريدة الصباح قد أعلمتا عن الدّورة مسبقا، وصحيح أيضا أن التلفزة التونسية قد أخبرت عن افتتاح الدّورة من قبل وزير الشباب والرياضة والتربية البدنية كما تكلّمت الإذاعتان الجهويتان بكلّ من تطاوين وصفاقس وجريدة "الجزيرة" الصادرة بجربة عن الحدث... لكن : هل كان ذلك كافيا ؟ ولماذا لم تتمّ متابعة الأنشطة يوميا ؟ ولماذا لم يعلن عن النتائج، ولم يتمّ محاورة المنظمين والمشتركين محليين وضيوفا ؟...
·       مثل هذا الحدث، وإن كان يبدو ولغالبية الناس صغيرا، يمكن أن يصبح حدثا كبيرا لو تمّت العناية به كما ينبغي : فهو يمثّل فرصة للتحسيس بزرع الأعضاء كهمّ وطنيّ وإنسانيّ له وزنه، وهو يتيح التعريف بإنجازات هيكلنا الصحيّ في الصّدد، وهو كفيل بأن يسهم في رفع الراية الوطنية إلى الأعلى وفي مزيد التعريف ببلادنا كقطب سياحي حضاريّ وطبّي... وممّا قد يبرهن على ذلك الأهمية التي أولاها الإيرانيون لهذا الحدث وإسهامهم فيه بوفد قوامه حوالي 40 رياضيا منهم نساء عديدات، يؤطّرهم مدرّبون ومعدّون وأطبّاء ومسؤولون عملوا ما في وسعهم للظهور في مظهر جذّاب، وبذلوا قصارى الجهد للفوز بأكبر عدد من الميداليات.
·       مشاركة التونسيين في الدّورة كانت متميّزة : فهي قد تميّزت بالعدد الهامّ من المستفيدين والمتبرّعين الذين أقبلوا عليها... وهي قد تميّزت بالرّوح التطوّعية الرفيعة التي أظهرها الفريق الطبي والصحي الذي أشرف على الحدث... وهي قد تميّزت بحرص المتسابقين على افتكاك أكثر ما يمكن من الميداليات رغم أنّهم لم يتدربوا مسبقا ورغم تقدّم سنّ الكثيرين منهم ورغم ضعف إمكانياتهم (فمنهم من جرى حافيا !) ورغم  تفاوت الإعداد بينهم وبين أعضاء الوفد الإيراني خاصّة ... ومن المشاهد المؤثرة التي وسمت الدّورة نضال لينا بن مهني من أجل الميدالية الذهبية للمشي لمسافة 2000 متر لجميع الأصناف النسائية، ثمّ إصرارها على المشاركة في مسابقة الجري لمسافة 200 متر رغم انهيارها البدني واعتراض الأطبّاء والمؤطّرين...
·       المشاركات والمشاركون التونسيون في الدّورة جلّهم لا يمارسون الرياضية بانتظام بل أغلبهم لا يمارسون رياضة أبدا، ورغم ذلك رأيت نساء كهلات ومن جميع الأعمار تتحمّسن للعلم، وتصررن على التعبير للمنظمين من الإطار الصحيّ عن تعلّقهن بالحياة والعطاء وعلى امتنانهنّ لبذلهم ومبادراتهم بأن جرين ولهثن تصببن عرقا ومعاناة... وبأن أفلحن...
·       منظّمو الدّورة الذين ظهرت أسماؤهم على لافتاتها لم يتجاوز إسهام أغلبها حضور حفل الافتتاح... وهو  ما جعل العبء، -كل العبء – يقع على كواهل المبادر الأوّل بالتنظيم- رئيس الجمعية التونسية لطبّ الكلى،  الأستاذ الطيّب بن عبد الله- وثلّة من زملائه وزميلاته الأطباء والأعوان الصحيين ثم على بعض من المشاركين (على رأسهم نجيب شبّوح) وأسرهم.
·       الدّورة كانت إذن حدثا هامّا، ولكنّه كان من الممكن لها أن تتطوّر إلى حدث أهمّ لو تمّ إسناد المبادرين بها بشريا وماديا وتنظيميا...
·       هذه الدّورة الأولى التي تحتضنها بلادنا من الهامّ أن يتلوها تنظيم دورات أخرى محلية وإقليمية وجهوية وحتى دورة دولية  (لم لا ؟!) وتأمين مشاركة تونسيات وتونسيين في الدورات الدولية بمختلف أصنافها مع حسن إعدادهم للغاية. غير أنّ ذلك لن يتيسّر إلاّ إذا توفّر إطار تنظيميّ ثابت ترصد له الإمكانات اللازمة (جمعية مدنية أو مكتب قارّ تابع لإحدى الجامعات الرياضية أو لوزارة الصحة أو وزارة الشباب والرياضة والتربية البدنية ؟)... بل لعلّ أنجع الحلول يتمثّل في تبنّ رسميّ واضح ونهائي لهذه اللألعاب مع ما يعنيه ذلك من رصد ميزانية قد تتأتى من مصدر عمومي (قطاع السياحة مثلا...) أو من راع خاصّ  متطوّع أو مستشهر،  وما يتطلّبه الأمر من انتماء للجامعة الدّولية لرياضة المستفيدين بزرع الأعضاء....
·       وأمّا إعلاميا فيا حبّذا لو تخصّص وسائل الإعلام الرسمية والخاصّة مساحات أكبر لمثل هذه التظاهرات، وأن ينتهز المعنيون فرصتها لتنويع حملاتهم التحسيسية والتوعوية وإكسابها بعدا عمليا واجتماعيا أنجع، وليثروا أعمالهم الحالية المرتكزة أساسا على المطبوعات والمحاضرات بأعمال ميدانية كهذه التظاهرة. وفي هذا الصّدد أذكر أنّه كان لتدخّل الجرّاح الأستاذ محمد شبيل خلال إحدى سهرات المقهى الثقافي بالزهراء ذات صيف أفضل الأثر، كما حقّقت المنشطة الإذاعية المتميّزة فايزة الماجري نجاحا ملحوظا خلال الحصتين اللتين خصصتهما لزرع الأعضاء في أقل من عام.

وسعيا للإعلام والإفادة وكذلك بغية مزيد إثارة الاهتمام أقدّم في ما يلي توزيع الميداليات التي أسفرت عنه الدورة :






ذهبية
فضية
برونزية

تونس
30
35
30
ايران
26
12
05
الكويت
02
04
05
العربية السعودية
-
-
01
المجموع
58
51
41


ولمن يريد أن يطّلع على تاريخ زرع الأعضاء ومنجزاته والظروف الحافة به أشير إلى العدد الرابع (جانفي 2009) من نشرية Don et vie التي يصدرها المركز الوطني للنهوض بزرع الأعضاء.



                                                                                الصـادق بن مهنـي
                                                                   19 نوفمبر 2010