4 juin 2019

إلى لينا بن مهنّي الباعثة على الأمل أبدا

يخيّل لي أنّه لم يعد من حقّنا أن نحتفل وأن نعيّد . اللّهم أن نعيّد كالخرفان : نثغو ونسرع الخطو ونحن نساق إلى المذبحة .السّودان يغتال للمرّة الألف . والجزائر نهلع عليها ونخشى جزر التّاريخ فيها أكثر من أن نفرح لمدّها السّخيّ . واليمن خرج من التّاريخ بعد وهجرته الجغرافيا .وفي كلّ صوب تطاحن وتهافت بين قابيل وهابيل وفي كلّ حدب خيانة وسقوط ومهانة .وفي تونس ما زلنا نرقص على نغمة التفرّد والتّميّز فيما أنّنا نعجز حتّى عن جمع واحد بواحد ونقصر حتّى عن مجرّد الإصداع بقائمات شهدائنا وإن قصّرناها ...
أدخلنا إلى العالم السّيبرنيّ ومتاهاته وممكناته ونحن لا نزال نختلف حول العيد ونصاحب البخاري ونقذف الأطفال بانحرافاتنا ونسخّر الشّبكة لتقيّئ حقدنا وتفاهتنا .
حكّامنا سرّاق . ومعارضونا عجزة . وناصحونا متربّصون بأقدارنا . وكلّ منّا يعاتب الآخر ويحاسبه ولا يبتغي أن يرى حدبته هو ... ندّعي أنّنا مشرّشون في الزّمن والتّاريخ. وبصلفنا المتجذّر نتصرّف وكأنّنا العارفون باللّه وأحكامه والرّاشدون في الأرض والقابضون على الحكمة... تغوينا الكلمات النّابية وتحضننا بل تضغط على أنفاسنا الكتب الصّفراء وقرّاؤها العفنون . ونسعى اليوم كلّه لاهثين وراء بيضة أو شبه حلويات... ونحيد بأبصارنا عن غدنا فلا نرى سيولا هوجاء قد تجرفنا من جنوبنا وأيضا من غربنا اليوم وليس غدا...نتدافع طمعا في غلّة أو سعيا لشبه فائدة . ونصوّت لمن يصوّتوننا كلّ يوم وليلة .ونهلّل لخبراء كم ذبحونا.ويقدم علينا المرشدون والنّاصحون فنذبح لهم الذّبائح وندفع وبنا صغار ومذلّة...
يخيّل لي أنّنا حصّنّا قلاعنا كي لا يتسلّل النّور إلى مآقينا وأفئدتنا وكي نمنع عنّ كلّ حلم سخيّ ...
أجدني اليوم أميل إلى الأخذ بالحقيقة المرّة والإقرار بفضيحتنا المستمرّة.
وأجدني لا أقدر حتّى على مجرّد البكاء
البارحة لم نكن سوى حفنة تلاقينا لنبلغ السّودان تضامننا مع صموده في وجو الهمّج... ووجدنا أنفسنا نبرّر بالعيد وعطل العيد الغياب لمن حضر من السّودانيين ولأنفسنا ..
وأعطى مارّة يتعجّلون قضاء حوائجهم الصّغيرة بل التّافهة الحقّ لأنفسهم لأن يشيروا علينا بأن ننصرف لنهتمّ بشؤوننا ليس إلاّ...
صغيرتي الكبيرة كالأمل الجادّة كالثّورة ترمقني وهي تغالب الوجع متعدّدا وتستنهض
همّتي : " كم كان عدد النّاهضين أواخر 2010 ؟ وهل كان حتّى لقلّة أن تلتقي وتصدح أو تصرخ؟"
وأسمعها تضيف : " انظر: الهاتفون هنا الليلة عدا استثناءين أو ثلاثة شباب وأغلبهم شابّات .أفلا ترى في هذا الحال الضّوء قادما يعمّ ؟"