19 janv. 2020

وداعا طارق الدزيري


اليوم لم تعد ثمّة ولا ذرّة شكّ في انعدام وجود أيّ علاقة بين الثّورة وبين الحاكمين وشركائهم بأصنافهم سوى أنّ الأخيرين جاءت بهم إلى ما هم فيه دماء مواطنينا الّذين وقفوا فعلا لبلادهم.
اليوم لم يتبقّ لكثيرين سوى أن يطأطؤوا مذلّة لو كانوا يشعرون.
اليوم يتعيّن على صادقين انضمّوا إلى لجنة إدارية ذليلة أن يقولوا خيبتهم ويعتذروا...وأنا هنا لا أتحذّث عن رئييهم فهو برأيي فعل ما فعل عن وعي وبصلافة.
اليوم يتعيّن علينا جميعا أن نتأمّل مليّا في وجداننا ونستشعر واجبنا وما علينا أن نفعل.
اليوم لم يعد بدّ سوى أن نعيد النّظر في الجوهر والتّفاصيل معا وأن نكفّ استكانتنا وجرياننا وراء الفاسقين بألوانهم.
اليوم لن تنفعنا الدّموع ولن تغنينا التّبريرات.
أيا طارق والطّارقون جميعا ...أنتم شرفنا ... وبدونكم نحن للضّياع.
أيا طارق ، كما أردت : لن نسامح !



4 juin 2019

إلى لينا بن مهنّي الباعثة على الأمل أبدا

يخيّل لي أنّه لم يعد من حقّنا أن نحتفل وأن نعيّد . اللّهم أن نعيّد كالخرفان : نثغو ونسرع الخطو ونحن نساق إلى المذبحة .السّودان يغتال للمرّة الألف . والجزائر نهلع عليها ونخشى جزر التّاريخ فيها أكثر من أن نفرح لمدّها السّخيّ . واليمن خرج من التّاريخ بعد وهجرته الجغرافيا .وفي كلّ صوب تطاحن وتهافت بين قابيل وهابيل وفي كلّ حدب خيانة وسقوط ومهانة .وفي تونس ما زلنا نرقص على نغمة التفرّد والتّميّز فيما أنّنا نعجز حتّى عن جمع واحد بواحد ونقصر حتّى عن مجرّد الإصداع بقائمات شهدائنا وإن قصّرناها ...
أدخلنا إلى العالم السّيبرنيّ ومتاهاته وممكناته ونحن لا نزال نختلف حول العيد ونصاحب البخاري ونقذف الأطفال بانحرافاتنا ونسخّر الشّبكة لتقيّئ حقدنا وتفاهتنا .
حكّامنا سرّاق . ومعارضونا عجزة . وناصحونا متربّصون بأقدارنا . وكلّ منّا يعاتب الآخر ويحاسبه ولا يبتغي أن يرى حدبته هو ... ندّعي أنّنا مشرّشون في الزّمن والتّاريخ. وبصلفنا المتجذّر نتصرّف وكأنّنا العارفون باللّه وأحكامه والرّاشدون في الأرض والقابضون على الحكمة... تغوينا الكلمات النّابية وتحضننا بل تضغط على أنفاسنا الكتب الصّفراء وقرّاؤها العفنون . ونسعى اليوم كلّه لاهثين وراء بيضة أو شبه حلويات... ونحيد بأبصارنا عن غدنا فلا نرى سيولا هوجاء قد تجرفنا من جنوبنا وأيضا من غربنا اليوم وليس غدا...نتدافع طمعا في غلّة أو سعيا لشبه فائدة . ونصوّت لمن يصوّتوننا كلّ يوم وليلة .ونهلّل لخبراء كم ذبحونا.ويقدم علينا المرشدون والنّاصحون فنذبح لهم الذّبائح وندفع وبنا صغار ومذلّة...
يخيّل لي أنّنا حصّنّا قلاعنا كي لا يتسلّل النّور إلى مآقينا وأفئدتنا وكي نمنع عنّ كلّ حلم سخيّ ...
أجدني اليوم أميل إلى الأخذ بالحقيقة المرّة والإقرار بفضيحتنا المستمرّة.
وأجدني لا أقدر حتّى على مجرّد البكاء
البارحة لم نكن سوى حفنة تلاقينا لنبلغ السّودان تضامننا مع صموده في وجو الهمّج... ووجدنا أنفسنا نبرّر بالعيد وعطل العيد الغياب لمن حضر من السّودانيين ولأنفسنا ..
وأعطى مارّة يتعجّلون قضاء حوائجهم الصّغيرة بل التّافهة الحقّ لأنفسهم لأن يشيروا علينا بأن ننصرف لنهتمّ بشؤوننا ليس إلاّ...
صغيرتي الكبيرة كالأمل الجادّة كالثّورة ترمقني وهي تغالب الوجع متعدّدا وتستنهض
همّتي : " كم كان عدد النّاهضين أواخر 2010 ؟ وهل كان حتّى لقلّة أن تلتقي وتصدح أو تصرخ؟"
وأسمعها تضيف : " انظر: الهاتفون هنا الليلة عدا استثناءين أو ثلاثة شباب وأغلبهم شابّات .أفلا ترى في هذا الحال الضّوء قادما يعمّ ؟"

12 mai 2019

الصادق بن مهني :إلى حمّه بمناسبة صدور كتابه: ” المفرد والجمع في الحرّية والمساواة


أخي حمّه !
من حقّك عليّ أن تسمع منّي ما أعتقد حتّى ولو عسر عليّ قوله لأنّي أخاف أن أوجعك. كنت واستمررت وما تزال وستظلّ أخا لي حتّى وقد اختلفنا بما جعل طرقنا لا تلتقي دائما. والفضل في هذا يعود لك وليس لي.فأنت الودود الطيّب حلو المعشر الحنون…الأخ.
البارحة قالت لي إحدى أخواتي :” حمّه يحبّك كثيرا ولا ينفكّ يذكرك في كلّ محضر وإن بدون داع.” فسالت من عيني دمعة وكادت عبرة تخنقني… نعم حمّه : وقد هاجمني الهرم أصبحت أقدر على البكاء أحيانا.
أخا لك أحلم لك بشيء من راحة …أودّ لو تقدر ليس على الانكفاء عن النّضال بل على النّضال على مسرح آخر… سمعتك تقول إنّك أوّلا وأخرا مناضل قبل أن تكون سياسيا …
لا أحد يمكنه أن ينكر أنّك مناضل حقّ ومثابر وصلب … لكنّ السّياسة ابتلعتك وسرقتك حتّى من نفسك…فأنت سياسيّ مناضل…وكم أحلم لك أن تنفض ولو شيئا من السّياسة وتركّز جهدك على نضال الفكر والتّمحيص وفتح أبواب جديدة… أن تتحرّر من جميع قيودك السّياسيّة والتّنظيميّة وتنطلق تروي لنا ما خبرت وما عانيت وما تعلّمت…وأن تقدر أخيرا على أن تتمرّد على قيود الإيديولوجيا وأن تجرأ على أن تمضي في سبل قد تفتح أمامنا أبوابا جديدة…ففيك قدرة.
كم آمل أن تنتظم أنفاسك بما يريحك ويقوّيك فتسترجع أسلوبا أعرفه فيه حياة ونضارة وانطلاق… فكتاباتك فيها شيء من جرأتك لكنّها أحيانا يغلب عليها تيبّس وحذر وتعنّت…انطلق يا أخي ، اكسر قيودا تراكمت…
نحن نحتاجك لتقول لنا ما سرّ تيهنا وعجزنا ،ما هو معطّل فينا ولم نحن كشمعة تحترق سريعا ودائما لكنّ ضوءها يظلّ دوما لا يأتيه إلاّ قلّة قليلة حتّى وإن أحبّنا عن بعد كثيرون…
 
صديقي حمّه !
 
ألا استرحت قليلا ؟!
ألا استمتعت قليلا؟ ألا أخذت بطرف من الحياة غير النّضال والعنت و الصّبر على الضّيم والنّكران؟ألا جنّحت وجدّفت وأطلقت فيك المفكّر والحالم بمناهج غير المناهج؟ ألا تصدّيت لمغامرة لا أحد يمكنه أن يقبل عليها إلاّك: أن تنفخ ممّا في نفسك من صبر ومكابدة في شباب يحبّك وأن تقنعه أنّ الأمر غدا بين يديه هو لا أحد سواه … أن تكتفي معه بأن تحكي دربك وعسرك وكيف حافظت على شعلة الأمل وتترك له كشف الدّرب وتعبيده وخوض المغامرة كما يشتهيها ويراها…
رفيقي حمّه !
رفيقا لك في بعض من مسيرتك وفي كثير من أحلامنا وما يجمع بيننا من قيم وأخلاق ومقدّرا لنضالك أبتغي لك أن تظلّ سياسيا وطموحا وأنت تظلّ تثابر وترى فيك زعيما وإن لبعض فقط… وأن تجهد علّ الدّهر الماكر ينصفك … حصلت بعد على شرف السّعي والمحاولة ، فلتضف إليك بهاء الثّبات… ولتتق إلى شمس قد ترعوي وتطلّ أخيرا… لا أحد أفضل منك .
 
أخي وصديقي ورفيقي حمّه !
 
أحبّ حلمكم : أنت ومريديك … وأعرف أنّ كثيرين يعادونكم لا لشيء إلاّ لأنّهم أعداء طبيعيّون لكم فيما لا يرتاح آخرون لكم للغة تتوخّونها يجدون فيها مكدّرات لا تقصدونهاوتطرّفا…كما أرى كثيرين يجلّونكم وحتّى يعوّلون عليكم لكنّهم ينفضّون من حولكم إمّا طمعا أو هلعا أو لقلّة ثقة في الزّمن قد يجترح المستحيل بأياديكم. وبين الشّباب المتخلّي أرى حشودا ينشدّ اهتمامهم إليكم لكنّهم يظلّون حذرين لا يأتونكم لأنّهم لا يجدون في خطابكم ما يشدّهم ويرونه غير حازم لانسياق قد نكون جميعنا قد انزلقنا إليه و لتشوّفهم لحلم جديد لم نفهم كنهه وربّما لم مقبل بتجاوزه إيّانا.
 
حمّه !
أنتظر منك كتبا أخرى. وأطمح إلى أن أراك تثابر على قول ما يتجنّبه أهل السّياسة ولأن تمضي أبعد وترخي العنان لقلمك…
قد أقترع هذه المرّة.
دمت أخا وصديقا ورفيقا لي.

الصادق بن مهني :خواطر أثارتها قراءة رواية ” ولد فضيلة ” لأميرة شرف الدّين


 
 
تردّدت أأقرأ هذه الرّواية أم لا أقرأها . ذلك أنّني، وإن كنت لا أرى في الكتابة بالتّونسيّة عيبا، نادرا ما أعثر على نصوص تقنع تونسيتها وتشدّ. اللهمّ أن يكون كتبها سيدي علي سعيدان أو رفيقي بشير جمعه أو النّابغة الطّاهر الضّيفاوي. ثمّ قرأت.
وأعجبتني اللّغة . ليس لأنّ فيها جمالية أو شعريّة أو لأنّها متقنة . بل لأنّني أحسستها اللّغة المناسبة للرّواية الّتي كتبت بها . ولشخصياتها. ولأحداثها.
وعنّ لي أن أحاول ترجمة أسطر من الرّواية إلى العربيّة الفصحى لأتثبّت. فوجدتني أعجز.
وطفت من ذاكرتي كلمات من ترجم من الأمريكية إلى الفرنسية رواية La Rage de vivre الّتي قصّ بها Mezz Mezzrow دنيا موسيقيي الجاز… وسمعته يعاني شظف لغة مقابل لغة تفجّرت في عالم لا حدّ لانفعالاته ولا قيد فيه .ولو لغة .
وعدا اللّغة شدّني في الرّواية جرأتها وتصدّيها لقصّ معاناة جنس إنسانيّ قسى عليه كونه أقلّية وهدّه عنف المجتمع. عنفه المادّيّ . وعنف صمته الرّهيب : إنكاره.
ووجدتني وأنا أقرأ أرى الحياة كما هي ببؤسها الشّديد ولكن بالسّعي الدّؤوب إلى الفرحة.
ووجدت تونس لا هي أفضل ولا هي أسوأ من غيرها.
واقتنعت مرّة أخرى أنّ في الاختلاف بهاء العيش.والحقيقة.
ولمست مرّة أخرى أن لا حدّ لظلم الدّولة الّذي هو أمرّ من كلّ ظلم … لمسته هذه المرّة من حيث لم أجرّبه. ومرويا في سلاسة تبعث على البكاء (ص.62 وص.200).
وكم أحببت تلك الصّداقة وأثّرت فيّ تلك العشرة بين الفاضل وصديقه القطّ.
 
غير أنّ شيئا في الرّواية بدا لي غريبا : أن لا نرى وراء قحابها طحّانة .
وشيئا آخر أفسد عليّ المتعة والاكتشاف : النّهايات البديعة أو الهابّي آند.
أتمنّى أن تعامل هذه الرّواية على أنّها فعلا حدث.

الصادق بن مهني :بضعة كلمات أوحى بها كتاب ” هالة وردي ” “الخلفاء الملاعين – التّمزّق


 
فرحت بحلول ركب هذا الكتاب الّذي ظللت أنتظره منذ أن قرأت ،في 2016،سلفه المعنون :Les Derniers Jours de Mohammad. ولم يستثر اهتمامي ما بلغ سمعي من تعاليق وتقارير وتخمينات تشكّك في نسبة الكتاب أو نسبه وتجرّح في أهلية الكاتبة بقدر ما أحببت أن أرى ما إن كانت المؤلّفة قد أفلحت في أن تكتب كما كتبت من قبل أي بسرد سلس ومن غير تعقيد. وخصوصا إن كانت قد سلكت ذات المسلك من حيث التّقيّد بالاعتماد على مصادر متاحة ( وإن لم يدركها الجميع ) وبعدم التّعسّف على التّاريخ والأحداث والوقائع والفاعلين في التّاريخ وصانعي الأحداث لا بالحطّ منهم وممّا فعلوه ولا بالنّفخ في قيمتهم و صورهم كما تعوّدنا أن ننفخ.
ومباشرة أقول : لقد وجدت الكتاب قد استجاب لانتظاراتي .بل لقد وجدته أطنب في كشف مصادره بدقّة لا شكّ أنّها يسّرت الأمر على من يريد أن يتثبّت أو أن يواصل البحث وقطعت الطّريق على من يمكن أن تحدّثه نفسه بأن يدّعي أنّ الكاتبة سفيهة ومدّعية.
وأطربني الكتاب لا لأنّه يفحم تابعي الأسلاف الّذين لا فكر في أدمغتهم فحسب بل ولأنّ فيه جرأة مغالبة العالم لتردّده وخشيته وخوفه وارتياده لمسالك عسيرة وقدرة ثابتة على التّوليد والمقارنة ومقاربة حالمة تبتغي لنا أن نغيّر حقّا ما بأنفسنا.
أيّام بدايات الشّباب ونحن نصبو إلى أن نبدّل العالم تبديلا ونتوق إلى فهم موضوعيّ لما نحن فيه وما نحن ماضون إليه ونسلك لذلك دروب استقراء الماضي بما يختلف عمّا كان يردّده على أسماعنا هوّاة الكتب الصّفراء وحدها لم نكن نجد كتابات تعلّمنا النّقد والتّمحيص والتّثبّت إلاّ لدى بعض قليل من مستشرقين كان يشيع الطّعن السّهل في ما كتبوه بمجرّد القول إنّهم خدمة ومتربّصون.
واليوم ،بهذا الكتاب وبكتب أخرى غيره من جنسه وجدّيته، أصبح في وسعنا أن نجادل ونحاجج بالفم الملآن
وسيمتلك باحثونا أكثر فأكثر الجرأة على ارتياد الوعر والتّأمّل فينا في ما نحن فيه بفكر ثاقب وبرغبة التّجاوز.
كم أتمنّى أن يترجم الكتاب إلى العربيّة كي يبلغ أسماع بل أذهان “محلّية” فيرجّها ويحفّزها.
وكم أنا سعيد لأنّ الكتاب فيه تحدّ آخر غير تحدّي مضمونه وشكله : أن كتبته أمرأة.

Présentation du roman de Rabâa Ben Achour-Abdelkéfi Quelques jours de la vie d’un couple, Tunis, Sud Editions, 2019 La Marsa, librairie Mille Feuilles, le 20 avril 2019


يا والّله ورطة
Quel traquenard ! Moi, originaire des confins les plus reculés du pays, moi,  الآفاقي, le rural, le campagnard, j’ai à introduire le livre de qui ? De Rabâa. Quel nom déjà ! Un nom venu des profondeurs de l’histoire et de la poésie. Rabâa Ben Achour, médinoise parmi les médinoises,  (je le dis sciemment : médinoise et non pas citadine ou bourgeoise) et branche parmi les branches parfumées,  الأغصان الفيحاء  ,d’un arbre généalogique dont les racines pourraient nous ramener au prophète lui-même. Pas moins ! Et où se passe la présentation ? Au Havre. Pardon ! A la Marsa, mes ami(e)s ! 




Bon trêve d’espiègleries ! Je commence la présentation.
Mais, as-tu remarqué Rabâa que je pique déjà tes mots ? « Espiègle » figure sur la quatrième de couverture de ton roman et sur le message que tu m’as envoyé, il y a deux jours !
Dois-je vraiment présenter Quelques jours de la vie d’un couple, en mentionnant qu’il s’agit d’un roman de 232 pages, de taille moyenne, publié par Sud Editions, à Tunis, en 2019 ? 
Je n’avais aucune envie de le faire ainsi. Ce n’est pas mon genre à moi. Mais voilà, je l’ai tout de même fait !
Rabâa Ben Achour-Abdelkéfi -comme ça me plaît de dire ton nom !- Rabâa, je suis persuadé de l’avoir rencontrée tout d’abord sur les remparts, j’ai failli dire, en pensant aux marches et manifestations du centre ville dont celles qui étaient vraiment dangereuses, souvent en couple d’ailleurs et toujours souriant à l’espoir.
C’est cependant, à Borj Louzir, que j’ai rencontré Rabâa. Borj Louzir, son roman paru en 2011, qui m’a fait connaître ce qu’était la vie intime d’une famille bourgeoise bien ancrée dans le                et toujours proche du pouvoir, mais en en prenant de temps à autre, et pour bien des aspects quelque distance.
Borj Louzir m’a surtout rappelé qu’un enfant est toujours un enfant, quel que soit son milieu, son mode de vie ou ses souciset que tous les enfants du monde se partagent tant de choses.
Rabâa, avec son Borj Louzirm’a incité à croire que notre enfance ne s’éteint jamais et qu’au contraire elle nous habite et rejaillit en nous tous les jours.
Par la suite, j’ai rencontré Rabâa autour d’un rêve, un rêve qui persiste mais qui peine à se cristalliser, pour ne pas dire qui semble s’estomper : le rêve de créer avec tant d’autres, beaucoup d’autres, des jeunes des femmes surtout, une mouvance, une voie, qui redefinirait la révolution et réinventerait la Tunisie.
C’est ainsi que l’ai eu l’honneur de rédiger la plate-forme de Destournaet l’insigne honneur de la voir traduire de l’arabe vers le français par Rabâa elle-même.
Puis est venu Ghandi avait raison. Rabâa en pleine jeunesse, le Tunis et le Paris des années glorieuses. Hein ? N’est-ce pas ainsi que vous qualifiez ces temps-là, vous mes ami(e)s soixante-huitards ? 
Entretemps, il y a eu entre nous quelques échanges. Mais quelle émotion de voir Rabâa débarquer à Médenine pour soutenir Lina Ben Mhenni et de savoir qu’elle a fait le déplacement ( le retour aussi) en car ! 
J’en viens maintenant à notre nouveau-né, celui de Rabâa, je veux dire, même en sachant que Abbès y est pour quelque chose.
Ce roman, je l’ai vu, ou plutôt senti naître, un tant soit peu.
En effet, j’ai eu le privilège de bosser avec Rabâa sur le catalogue et les illustrations de l’exposition Before the 14th, instant tunisienet combien de fois, alors qu’on était concentrés sur la tâche et qu’elle continuait à innover, combien de fois ne l’ai-je entendue s’interroger en douceur mais inquiète : « Et mon roman, quand est-ce que je vais trouver le temps pour le finir ? »
Et puis, à chaque pause, j’entendais Rabâa débarrasser « la vie de couple » de ses Ghandiet Borj Louzir.
Au fait, ne s’agit-il pas là, au moins d’une certaine manière d’une véritable trilogiequi raconte une saga  avec aventures et mésaventures, heurs et malheurs, amours et désamours, honnêteté et malhonnêteté. Que diriez-vous, mes amis, si l’on inversait pour dire : mésaventures et aventures, malheurs et heurs, désamours et amours, malhonnêteté et honnêteté ? N’est-ce pas mieux ?
J’entends encore Rabâa me soufller « et reflux et flux de la révolution ». Car Rabâa et moi, nous croyons encore que la Tunisie vit effectivement une révolution. N’est-ce pas Rabâa ? 
Une trilogie, une œuvre à trois temps, mais qui ne s’arrête pas là et qui nous raconte tous et toutes, Rabâa, vous, moi, nous tous. De ma part, je le crois.
Avant de céder la parole à notre charmante auteure, et tout en vous présentant mes excuses pour avoir indûment abusé de votre temps, permettez-moi juste de vous dire que les « jours » dont il s’agit sont bien nos jours à tous, qua la vie d’un couple est la mienne, celle de Rabâa, la vôtre, celle de tous.  La                        et les joies aussi.
Je ne vous en dirai pas plus.
Lisez le roman. Et que vive la révolution ! La révolution qui nous réunit.
Pour finir juste un message personnel pour Rabâa.
Mina ta salue, regrette de ne pas pouvoir être parmi nous et te prie de nous éclairer : Comment tu t’organises pour faire tout ce que tu fais à la fois ? 

18 déc. 2018

كلمتي في لقاء برلين الّذي نظّمته “أمم للتّوثيق والأبحاث” (اللبنانية) من 28 إلى 30 نوفمبر تحت عنوان: “في سبيل منتدى المشرق والمغرب للشّؤون السجنيّة”


 
 
يافعا علمت السّجن غرفة مخيفة تغلق على التّلميذ المهرّج- أو هكذا كان يزعم التّلاميذ الأكبر- ومظلمة أودت بأربعة من رجال مرابعنا ناضلوا ضدّ الاستعمار واختلفوا مع الزّعيم وهو يسعى لأن يكون الواحد الأوحد فحبسهم،يختلف معهم البعض ولكن يجلّهم الكلّ حتّى من لم يكن من صفّهم.
وتلميذا في الثّانويّة رأيت رجالا جيئ بهم من خارج جزيرتنا يبيتون بزوايا الصّالحين ويسيرون كلّ صباح صفّين متوازيين يحرسهم سلاح ينظّفون الحدائق ويرمّمون المعالم…وعلمت أنّهم سجناء معتقل صحراويّ يباشرون عملا لفائدة الصّالح العامّ؛أو هكذا قيل لي.
ومع اختيالي شابّا،أو مراهقا يحسب نفسه شابّا،رأيتني أهتمّ بالسّجن مسألة مأساة إنسانيّة وبدأت أشاهد أفلاما وأقرأ روايات فيها عذاب وتعذيب وغدر وعسف وتوق جبّار إلى التّحرّر…صحيح أنّ أغلب ما شاهدت وقرأت عندها كان يرد علينا من الضفّة الأخرى للمتوسّط (هذه الّتي نحن فيها الآن)ولكنّ حكايات عن أبطال بل وحتّى عن صعاليك محلّيين أو من الجارة الجزائر كانت ضمن ما شاهدت أو قرأت.
بعدها صنعت لنفسي ،أو خيّل لي أنّي صنعت لنفسي،طريقا للنّضال-النّضال من أجل الحرّية والعدل والمساواة-أو هكذا كنت أحسب – فطفقت أبحث عن حركات يساريّة علمت عنها أساسا من محاكماتها وما سلّط على أعضائها من ضيم ومقاومتهم المصرّة لا لمطمع ولا لمطمح بل لمبدإ بل لحلم.
ببساطة وصادقا أقول:استهوتني مسيرة هؤلاء وأصبحت أروم أن يحصل لي مثل ما حصل لهم وبدأت أراني سجينا…عن وعي أو عن لاوعي كنت أعلم أنّ كلّ من يتجرّأ على قول لا ويخالف الزّعيم الأوحد أو ينفي عنه تميّزه الأعظم بأن يقول:”لا مجاهد أكبر إلاّ الشّعب ” مآله السّجن…كان السّجن يبدو لي عتمة وجوعا وعسفا لكنّه كان يستهويني لأنّ فيه الإصرار وفيه الرّفض وفيه سعي لاجتراح المستحيل…ولأنّ الكفّة لم تكن عادلة أو متوازنة لم يكن بدّ للمعترضين سوى أن يقولوا أو أن يكتبوا فيعذّبوا ويحبسوا…
طالبا جاءتني أمّي من ريفها البعيد واشتهت جولة في أرجاء العاصمة ترى خلالها حديقة الحيوانات والمباني الشّاهقة (بمقاييس وقتها) ودار الإذاعة والكلّية الّتي أروح إليها…حقّقت رغبتها ولكن عنّ لي أيضا أن أضيف إلى مزاراتنا السّجن المركزيّ ،وعند بابه صارحتها:”وهذا يا أمّي الحبس الّذي ستزورينني فيه في يوم غير بعيد.”
ولمّا سجنت تعلّمت أمّي أن تزورني لا في ذلك السّجن فقط بل في أحباس كثيرة…وكثيرا ما مازحتها من وراء القضبان المشبّكة فادّعيت أنّ سجني حرّرها:تعلّمت كيف تركب وسائل النّقل العموميّ وحدها،وخاطبت رجالا من غير ذويها،وخاصمت الحرّاس وجادلت ذوي النّفوذ…
غير أنّ أخواتي لم تستهوهنّ هذه الصّورة.قلن أنّ سجني عذّبهنّ:حرمن من الدّراسة وارتدّ عنهنّ الخائفون وضايقهنّ الخدم المطيعون القوّادون للسّلطة.وإلى ذلك-هكذا أفهمنني-كنّ يتعذّبن كلّ يوم وليلة بتخيّلي في سجني أتعذّب…
وفي السّجن تأكّدت أنّ السّجن ليس ضرورة وبالتّأكيد قبرا أو تيها أو انكسارا…ورأيت السّجن يتحوّل حرّية وتحدّيا ونهلا من العلم ومن الثّقافة وبناء ذاتيا متينا وصداقات تنشأ فلا تزول ولا تذوي…
 
 نعم،لقد عايشت “غلابة”(حسب تعبير الإخوة المصريين) يساقون إلى المشنقة ولمست معنى المعاناة لمس الجسد،وجعت قصدا وبغير قصد،ولكنّ ذلك لا يمنعني أن أقول جادّا:السّجن مقاومة وتعلّم الحكمة والثّبات وفي تحمّله شيء من الفلسفة ومن…الشّعر.
وممّا قرأته في السّجن كثير ممّا كتب عن السّجن وفي أبواب عدّة:في الشّعر(كقصيدة ناظم حكمت عن النّساء تنتظرن زيارة مساجينهنّ…) وفي الفلسفة (كبعض ممّا كتبه فوكو…) وفي الأدب رواية وسيرة ذاتية.
وإذ خرجت من السّجن فهمت أنّه عليّ أن أخرج السّجن منّي…فالسّجن يحشرك،يحاصرك،يضيّق عليك الخناق ،لكنّ أفظع ما فيه أنّه يتسلّل إلى وجدانك ويخلد فيك.وفي رأيي أنّ الخروج من السّجن قد يكون أعسر من دخوله…فالسّجين السّابق كثيرا ما يعسر عليه أن يندمج في محيطه،والسّجين – خصوصا متى طال حبسه – يجد عسرا في أن يواكب محيطه وبيئته وحتّى أقرب النّاس منه وقد كبروا وتغيّروا في غفلة منه…والسّجين السّابق يجد الآخرين ينظرون إليه إمّا كبطل وإمّا كخطر، وإمّا كسكّين وإمّا كمسكين،يهابونه أو يحنقون عليه،يرغبون في صحبته أو ينفرون من رؤياه،لكنّهم،على أيّ حال، لا يسهّلون عليه أن يسلّ السّجن وغلظته وآفاته وأن يعود بشرا كالبشر ومواطنا كالمواطنين…
حتّى وأنت قد أعدت بناء حياتك وتمتّعت بعفو أو بعفو عامّ من المفترض فيه فسخ الماضي ستظلّ دائما سجينا سابقا…ينطبق هذا على مساجين الحقّ العامّ كما على مساجين الرّأي.
وأسرع حتّى لا أملّ فأقفز إلى أوان الثّورة الّتي تسارعت في غير إدراك منّا ولكن بما أسرّنا وما يزال يسرّنا وإن حلكت بعض أيّامنا.
ممّا فاجأتنا به الثّورة تمرّد المساجين الّذي لم تعتده بلادنا أبدا؛وسواء نبع تمرّد المساجين من دواخلهم أم كان نتاج مناورات فهو قد ترجم عن أشياء كثيرة وأزاح السّتار، بل الحاجز الرّصاصيّ، عن واقع لم يكن المجتمع يراه أو كان يشيح ببصره عنه.
فجأة تحوّل السّجن من شيء كالثّقب الأسود السّماويّ يبتلع دون أن يشبع ويتستّر على ما فيه إلى عالم مكشوف -وإن إلى حدّ- وإلى مسألة يتمّ التّداول فيها وموضوع يناقش في المجالس العامّة والخاصّة:هذا يتناول الظّروف الصحّية والتّعامل اللاّإنسانيّ وسوء التّغذية والاكتظاظ ، وهذا يهتمّ بإعادة التّأهيل وبالإدماج وباستبدال عقوبة السّجن بما هو أنفع وأقلّ إيذاء…
وكان أن زرت السّجن مع جمع من المدافعين عن الحقوق منهم من هو اليوم بيننا وتساءلت وأنا المعتبر نفسه مدافعا: أليس عليّ أن أفعل شيئا؟
فكان أن مضينا إلى السّجون بأيّام قرطاج السّينمائيّة…ثمّ كان أن تفتّقت قريحة ابنتي المدوّنة عن حملة لجمع الكتب لإحداث أو تدعيم مكتبات بالسّجون…
والآن ها نحن هنا نبحث عن أبعاد وعناصر أخرى ونناقش أمورا تتجاوز تحسين الأوضاع بالسّجون إلى التّفكير في إلغاء السّجون، ولم نعد نرى السّجون مجرّد مسألة قضائية أو عدليّة بل إنّنا نتساءل إن لم تكن فكرة الحبس وتوصيفها كعقاب أمرا يتطلّب المراجعة،وإن لم يكن إضفاء صبغة مقرّات سيادة على السّجون بدعوى أنّها تمثّل رمزا لسلطة الدّولة كنائبة عن المجتمع أو مؤطّرة له أمرا يستدعي تركه؟..
أسئلة ومشاغل تتعدّد وتتوالد وتتفرّع،لكنّها جميعها تحاول أن تفهم.ولعلّ من أبرز ما تريد أن تستشفّ سرّه:لماذا لا تتّفق البشريّة ، أمما وشعوبا وقبائل،على أشياء كثيرة حلوة ولطيفة وتجمع كلّها على الحبس كحلّ للرّدع والزّجر والعقاب والأخذ بثأر؟
تساؤل أخير-وهو سؤال يريد الفهم وليس استنكاريا بالمرّة-:ما تفسير تهافت النّاس هذه الأيّام على السّجون يرتادونها فنّانين وعلماء اجتماع ومكتبيّين وعامّة ويريد كلّ منهم أن يدلي فيها بدلوه؟..

"رسائلكم هي تليدورة"



الصّادق بن مهني  في رسالة رائعة لماراطون كتابة الرسائل..يتحدث عن الرسائل التي وصلته في السجن من مناضلات ومناضلي منظمة العفو الدولية من كل أنحاء العالم، من كل مكان فيه ولو ناشط واحد من منظمة العفو الدّولية #Amnesty_International لمساندة حالات  #W4R_2018الرجاء دخول الرّابط التّالي: https://bit.ly/2LlLJei




"رسائلكم هي تليدورة"








رسائلكم و مكاتيبكم و عرائضكم و تحرّكاتكم هي على أقلّ تقدير "تلّيدوره" يستنير بها المظلومون من المحبوسين و

 المتخفّين و الفارّين و اللاجئين و الملاحقين كلّما ادلهمّت الأفق و عمّت الظلمة و ضاقت فسحة الأمل...
رسالة وحيدة تصل سجينا أو يسمع عنها تمنحه نفسا يوسّع عليه حيث يضيق النّفس و أملا حيث يغيّب الأمل و تفتح له في معزله سماوات يحلّق فيها و رحابا يرتادها و بحرا يجدّف فيه بلا موانع ...
رفاقي، رفيقاتي
شمعتكم شمس – قمر – قناديل – مصابيح تضيء أنفس المظلومين و المتصدّين للعسف و المكافحين من أجل أن يحسب الإنسان إنسانا أيّا كان موطنه و أيّا كان جنسه و أيّا كانت اختياراته ... شمعتكم قبس منه ترد الأنفس المعذّبة نور يضيء كينونتها فتهزم الدّياجير المحيطة وتظلّ واقفة شامخة أيّا كان عواء العواصف و نكد النّوائب...
رفيقاتي ، رفاقي
أشدّ على أياديكم أشكر مساعيكم ...و أنهي بأنّني بالأمس كنت في مبنى آخر كم أفرح وأنا أرتاده حتّى و إن كان الارتياد شبه يوميّ لأنّ به شقّة تأسّس فيها الفرع التّونسيّ للعفو الدّولية دون ترخيص و رغم أنف البوليس الّذي كان يحاصرنا...اليوم غدا لي عند طرفي الشّارع الكبير مزاران : مزار للتّحدّي و مزار انتصار... و بينهما تجمع شمعتكم النّورانية.

ولا تسهوا أبدا عن أنّ "كلماتكم- كلماتكنّ تدفّئ برد جدرانهم ."

15 avr. 2018

إلى المسؤولين عن أمن البلاد وأمانها

إلى المسؤولين عن أمن البلاد وأمانها

تتسابق السّلطات هذه الأيّام  في مضمار ادّعاء إدراك الحلول الّتي يتطلّبها وضعنا الرّديء والتشدّق بإصلاحات كبرى بداتها أو على الأقلّ شخّصتها.
وليكن القدر في عونها.
غير أنّ إصلاحات أقلّ كبرا وقد تبدو للبعض مجرّد تفاصيل لا معنى لها بالنّسبة لمن يتغاضون عن أهمّية التّفااصيل  تطرح نفسها بحدّة وتنتظر من يأبه بها ويذهب في ظنّي أنّ الأخذ بها لا يتطلّب جهدا غير متاح وأنّ جدواها ستكون كبيرة لدى المواطنين جميعا وخصوصا لدى فئات الشّباب الّتي ما تزال تتشبّث ببصيص من أمل رغم أنّ الأمل أضحى قاتلا.

من هذه الإصلاحات الصّغيرة ذات الجدوى الكبيرة أذكر هنا وهذه المرّة مسألة التّنصيص على المهنة في بطاقة التّعريف ومسألة الاعتراف أو عدم الاعتراف ببعض شهادات العمل .

وفي الحالتين أنطلق من معيشي الشّخصيّ :
1. لا أدري لماذا بل في علاقة بطمعي في أن يسهل عليّ الحصول على تأشيرات سفر قد أفلح في ارتكابه رغبت عند دخولي في التّقاعد في أن تسجّل على بطاقة تعريفي ، وتبعا لذلك على جواز سفري ، مهنتي ووظيفتي قبل التّقاعد فتبيّن لي أنّ بطاقة التّعريف يكتفى فيها بالتّنصيص على وضعية التّقاعد فحسب .
بل وعلمت  إن لم تكن ذاكرتي تغالطني أنّه سيعمل لاحقا حتّى على عدم التّنصيص على المهنةبأيّة صفة.
ولكنّي لاحظت أنّ أعوان الأمن أو أغلبهم  كلّما تثبّتوا من هويّتي يسألونني عن المهنة والوظيفة الّتي تقاعدت منها .
وكمواطن أطمح إلى أن أعيش مواطنتي كاملة أي بما في ذلك حقّي في أن أفهم وواجبي في أن أسعى للفهم أسألكم ما السّرّ في هذا التّناقض ولماذا لا يرفع .ولا أخال إلاّ انّ كثيرين يرغبون في مثل ما أرغب.

2. ابنتي  - واسمها لينا بن مهنّي ولا أخالكم لا تعرفونها - اشتغلت أستاذة جامعي’ متعاقدة .وهكذا رسّمت مهنتها في بطاقت التّعريف وعلى جواز السّفر.
بعد ذلك انتهى تعاقدها وانضمّت إلى صفوف أصحاب الشّهائد المعطّلين . ولم يشفع لها في ذلك حتّى أنّها تنتمي إلى فئة المعوقين . لكنّها لم تستكن ولم تخنع .وظلّت تبتدع لنفسها أنشطة مختلفة تقتات منها حتّى متى كان الجهد الّذي تبذله أكبر بكثير من المكافأة الّتي تحصل عليها . بصفتها مدوّنة وصحافية مواطنيّة كتبت في جرائد ومواقع عدّة لقاء أجر أو دون أجر .وحصلت من ذلك على جوائز ذات صيت عالميّ ( جائزة صحيفة الموندو . جائزة إيسكيا للصّحافة...) ...وقدّمت محاضرات ومداخلات في بلدان عديدة . هذا عدا عن أنّها حصلت على جوائز وتكريمات دولية من أرقى مستوى ... ومن ذلك أنّها رشّحت لنيل جائزة نوبل للسّلام سنة 2011 وبلغت مرحلة القائمة القصيرة.وأنّها حصلت على جائزة سين ماك برايد للسّلام العالمي وعلى جائزة غ-فوروم الدّولية .و أنا أتجنّب هنا ذكر كامل ما جعلها تتميّز وتشرّف تونس في محافل عديدة فأنا أعلم أنّكم تعلمون وأنا حريص على وقتكم .
ابنتي لينا بن مهنّي هذه اضطرّت لاستبدال بطاقة تعريفها . فسجّل في خانة المهنة أنّها قائمة ب "شؤون المنزل ."
فطلبت أن تسوّى على الأقلّ بزملائها العاطلين من الذّكور فتسجّل على أنّها عاطلة أو عاملة يوميّة فرفض ذلك.
بعدها حصلت على عقد عمل وقتيّ مع جمعيّة تونسيّة مرخّص لها فرغبت أن تستبدل بطاقة التّعريف طبقا لذلك. فجوبهت بالرّفض .
ولأنّه يتعيّن عليها الآن تجديد جواز سفرها فإنّه سيكون عليها أن تجابه صعوبات التّأشيرات والتثبّتات مستقبلا بجواز ينص ّ على أنّ مهنتها هي "شؤون المنزل" وستجد نفسها تجابه الاستفسارات المحتملة بل المؤكّدة الّتي ستتهاطل كلّما سافرت بالاضطرار إلى شرح واقع الحال بما لا يعلي من صيت تونس .
وهنا أسأل أسئلة ثلاثة :
    - أليس في هذه الحال  أو على الأقلّ لانعكاساتها المتوقّعة تقييد غير مشروع ولاقانونيّ للحقّ في السّفر  وفعل بل أفعال تمييز؟
    - وأليس في هذه الحال مساس بالشّباب وتعطيل له وشحن لشعوره بالحرمان والحقرة ؟
    - ماهي المقاييس الّتي اعتمدت في ضبط المهنة ؟ 
وهل هي مقاييس معقولة ولها ما يبرّرها ؟ وأليس من النّافع تلافيها؟

11 janv. 2018

خواطر حرّكتها الأحداث الجارية



حنا عليّ التّلفاز فتعطّل .واستعذبت الحال فعدت إلى الكتب أقرأ. غير أنّ وتائر الأحداث الجارية وخصوصا وتائر الصّخب - لكي لا أقول التّهريج - الّتي تهزّ وسائل الاتّصال هزّا وتفتح المجال ليس أمام من قد يقدر على الإسهام بتهدئة أو على الأقلّ بخطوة نحو الفهم بل - خصّيصا - للمزايدين والأدعياء والمتهالكين على نثارسلطة ولو كان سرابا سرعان ما سينفسخ حالت بيني وبين أن أدفن رأسي في الرّمل حتّى لا أرى ولا أسمع .
فسمعت ما سمعت ورأيت ما رأيت.
رأيت جماهير من شعبنا يكاد يصحّ الجزم بأنّه لم يعد يربطها بأجهزة الدّولة رابط .
ورأيت أجهزة الدّولة تتمادى كلّ يوم أكثر في عجزها بل في رفضها لأن تفهم جماهير الشّعب : نفسيتها ونوازعها وحقيقة أحلامها القائمة والّتي تلاشت وإحساسها اليوميّ بالغبن-الحقرة-الإهمال-الإنكار-الرّخص والبخس...
رأيت سلطة تسرع الخطو كلّ يوم أكثر نحو التّحوّل إلى مجرّد هراوة تلاحق الغاضبين واليائسين وغير المصطفّين وبهيم مرشد أو مرشد بهيم يجلي المسالك أمام العتاة والمخاتلين والسّرّاق ويهدي صكوك البراءة للفاسدين...
رأيت جماهير يشقّها فرز لم تختره ولم تعد تعنيها خزعبلات السّاسة ، جماهيرلم تعد تقدر على تحمّل أوضاعها وكرهت وجودها ولم تعد تثق بأيّ بوصلة ، جماهير فقدت الحلم والأمل لكنّ طاقة فيها لامتناهية قد يفسّرها كون أغلب شعبنا شباب تجعلها تصنع لنفسها كلّ يوم أملا ولو كاذبا ييسّر لها تمضية اليوم ليس إلاّ ، جماهير خطف بعضها دعاة الجهاد السّافل واستباح بعضها هوس المخدّرات وأغوى بعضها خداع الضفّة الأخرى تتهافت إليها على ألواح بائسة لا تصلح حتّى لقبرها ، جماهير لم يعد بعض منها - قد يكون قليلا لكنّه يتنامى -يجد له من متنفّس سوى في العنف بألوانه ...
ورأيت سلطة ليست سلطة لا عمق في نظرتها ولا وضوح في أجندتها ،سلطة لا أفق تتحرّك باتّجاهه ولا همّ لها سوى البقاء ولا مدى لما تبتغيه سوى الحينيّ والمباشر ، سلطة - بل ماسكين بالسّلطة - لم يتّعظوا من خطايا أسلافهم ، وعجزوا عن فهم الواجبات الّتي أضحت واجباتهم هم لأنّهم غدوا حيث هم وإن صدفة ومكرا بنا من الزّمن ،سلطة أضحى شعارها "ربّي يعدّيلنا ها النهار" ، سلطة لم يعد يخجلها حتّى كذبها وهي تدرك أنّها تكذب (كقولها إنّ صعوبات الاقتصاد ستنتهي إن انقضت السّنة الجارية على النّحو الّذي تنشده . وكادّعائها أنّها تسمّي المحرّضين على أعمال التّخريب والقائمين وفي غلظتها وحنقها وصلفها وزيغ أبصارها ما يبين أنّها لا تفعل سوى أن تكذب و تحرّض...)
رأيت نفقا يتلوه نفق بعده أنفاق ...
رأيت سلطة بلون العتمة -طاعونا-آفة جثمت على صدر البلد بثقلها وثقل المروّجين لها .
ورأيت سلطة مضادّة ما زالت ترتبك لاتدري بالضّبط ما تفعل قد تكون فعلا تحكمها القيم والمبادئ لكنّ ذلك لا ينفي عنها أن لا بوصلة لها وأنّها لم تع من هموم النّاس سوى الظّاهر...
لكنّي أسترق بصيص نور -وإن ضعيفا- قد يهزم -وإن بعد حين- العتمة الّتي انقضّت علينا .
بصيص النّور هذا أراه في عيون الشّباب والشّابات الثّابتين والثّابتات والمبدعين والمبدعات والرّافضين والرّافضات لعيش بلا كرامة وبلا حرّيات وبلا رغد عيش...
أرى الفجر يينع ولا بدّ مع بنات وأبناء التحرّكات المدنيّة السّلميّة والصّابرة على الضّيم : "مانيش مسامح" ، "حاسبوهم" ، "فاش تستنّاو" ، أهالي الشّهداء والجرحى ومحاميهم ، وجماهير منسيّي السّلطة على امتداد تاريخها في مختلف مناطق البلاد...
يكفينا أن ننظر في السّنوات السّبع الأخيرة لنقتنع بأنّ الأمر لا يمكن أن يستقرّ لسلطة لا تدري أو لا يهمّها إلى أين تمضي الأيّام بشعبها حتّى وإن هي تدثّرت بالقمع والتّقتيل ...
يكفينا أن ننظر حولنا لنرى أن لا أحد من العجائز وبلاطاتهم يملك حلاّ .بل ولا خيال حلّ...ولا حتّى نصف منهج يؤدّي لحلّ...
ولكن لأنّ الشّباب قد برهن بعد على قدرة فائقة على تخطّي المستحيل فأنا واثق من أنّه سيفاجئنا مرّة أخرى فينهض لنفسه ويبتدع حلاّ وإن عسر الحلّ واستعصى وثقلت موازينه .