12 mai 2019

الصادق بن مهني :إلى حمّه بمناسبة صدور كتابه: ” المفرد والجمع في الحرّية والمساواة


أخي حمّه !
من حقّك عليّ أن تسمع منّي ما أعتقد حتّى ولو عسر عليّ قوله لأنّي أخاف أن أوجعك. كنت واستمررت وما تزال وستظلّ أخا لي حتّى وقد اختلفنا بما جعل طرقنا لا تلتقي دائما. والفضل في هذا يعود لك وليس لي.فأنت الودود الطيّب حلو المعشر الحنون…الأخ.
البارحة قالت لي إحدى أخواتي :” حمّه يحبّك كثيرا ولا ينفكّ يذكرك في كلّ محضر وإن بدون داع.” فسالت من عيني دمعة وكادت عبرة تخنقني… نعم حمّه : وقد هاجمني الهرم أصبحت أقدر على البكاء أحيانا.
أخا لك أحلم لك بشيء من راحة …أودّ لو تقدر ليس على الانكفاء عن النّضال بل على النّضال على مسرح آخر… سمعتك تقول إنّك أوّلا وأخرا مناضل قبل أن تكون سياسيا …
لا أحد يمكنه أن ينكر أنّك مناضل حقّ ومثابر وصلب … لكنّ السّياسة ابتلعتك وسرقتك حتّى من نفسك…فأنت سياسيّ مناضل…وكم أحلم لك أن تنفض ولو شيئا من السّياسة وتركّز جهدك على نضال الفكر والتّمحيص وفتح أبواب جديدة… أن تتحرّر من جميع قيودك السّياسيّة والتّنظيميّة وتنطلق تروي لنا ما خبرت وما عانيت وما تعلّمت…وأن تقدر أخيرا على أن تتمرّد على قيود الإيديولوجيا وأن تجرأ على أن تمضي في سبل قد تفتح أمامنا أبوابا جديدة…ففيك قدرة.
كم آمل أن تنتظم أنفاسك بما يريحك ويقوّيك فتسترجع أسلوبا أعرفه فيه حياة ونضارة وانطلاق… فكتاباتك فيها شيء من جرأتك لكنّها أحيانا يغلب عليها تيبّس وحذر وتعنّت…انطلق يا أخي ، اكسر قيودا تراكمت…
نحن نحتاجك لتقول لنا ما سرّ تيهنا وعجزنا ،ما هو معطّل فينا ولم نحن كشمعة تحترق سريعا ودائما لكنّ ضوءها يظلّ دوما لا يأتيه إلاّ قلّة قليلة حتّى وإن أحبّنا عن بعد كثيرون…
 
صديقي حمّه !
 
ألا استرحت قليلا ؟!
ألا استمتعت قليلا؟ ألا أخذت بطرف من الحياة غير النّضال والعنت و الصّبر على الضّيم والنّكران؟ألا جنّحت وجدّفت وأطلقت فيك المفكّر والحالم بمناهج غير المناهج؟ ألا تصدّيت لمغامرة لا أحد يمكنه أن يقبل عليها إلاّك: أن تنفخ ممّا في نفسك من صبر ومكابدة في شباب يحبّك وأن تقنعه أنّ الأمر غدا بين يديه هو لا أحد سواه … أن تكتفي معه بأن تحكي دربك وعسرك وكيف حافظت على شعلة الأمل وتترك له كشف الدّرب وتعبيده وخوض المغامرة كما يشتهيها ويراها…
رفيقي حمّه !
رفيقا لك في بعض من مسيرتك وفي كثير من أحلامنا وما يجمع بيننا من قيم وأخلاق ومقدّرا لنضالك أبتغي لك أن تظلّ سياسيا وطموحا وأنت تظلّ تثابر وترى فيك زعيما وإن لبعض فقط… وأن تجهد علّ الدّهر الماكر ينصفك … حصلت بعد على شرف السّعي والمحاولة ، فلتضف إليك بهاء الثّبات… ولتتق إلى شمس قد ترعوي وتطلّ أخيرا… لا أحد أفضل منك .
 
أخي وصديقي ورفيقي حمّه !
 
أحبّ حلمكم : أنت ومريديك … وأعرف أنّ كثيرين يعادونكم لا لشيء إلاّ لأنّهم أعداء طبيعيّون لكم فيما لا يرتاح آخرون لكم للغة تتوخّونها يجدون فيها مكدّرات لا تقصدونهاوتطرّفا…كما أرى كثيرين يجلّونكم وحتّى يعوّلون عليكم لكنّهم ينفضّون من حولكم إمّا طمعا أو هلعا أو لقلّة ثقة في الزّمن قد يجترح المستحيل بأياديكم. وبين الشّباب المتخلّي أرى حشودا ينشدّ اهتمامهم إليكم لكنّهم يظلّون حذرين لا يأتونكم لأنّهم لا يجدون في خطابكم ما يشدّهم ويرونه غير حازم لانسياق قد نكون جميعنا قد انزلقنا إليه و لتشوّفهم لحلم جديد لم نفهم كنهه وربّما لم مقبل بتجاوزه إيّانا.
 
حمّه !
أنتظر منك كتبا أخرى. وأطمح إلى أن أراك تثابر على قول ما يتجنّبه أهل السّياسة ولأن تمضي أبعد وترخي العنان لقلمك…
قد أقترع هذه المرّة.
دمت أخا وصديقا ورفيقا لي.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire