12 mai 2019

الصادق بن مهني :بضعة كلمات أوحى بها كتاب ” هالة وردي ” “الخلفاء الملاعين – التّمزّق


 
فرحت بحلول ركب هذا الكتاب الّذي ظللت أنتظره منذ أن قرأت ،في 2016،سلفه المعنون :Les Derniers Jours de Mohammad. ولم يستثر اهتمامي ما بلغ سمعي من تعاليق وتقارير وتخمينات تشكّك في نسبة الكتاب أو نسبه وتجرّح في أهلية الكاتبة بقدر ما أحببت أن أرى ما إن كانت المؤلّفة قد أفلحت في أن تكتب كما كتبت من قبل أي بسرد سلس ومن غير تعقيد. وخصوصا إن كانت قد سلكت ذات المسلك من حيث التّقيّد بالاعتماد على مصادر متاحة ( وإن لم يدركها الجميع ) وبعدم التّعسّف على التّاريخ والأحداث والوقائع والفاعلين في التّاريخ وصانعي الأحداث لا بالحطّ منهم وممّا فعلوه ولا بالنّفخ في قيمتهم و صورهم كما تعوّدنا أن ننفخ.
ومباشرة أقول : لقد وجدت الكتاب قد استجاب لانتظاراتي .بل لقد وجدته أطنب في كشف مصادره بدقّة لا شكّ أنّها يسّرت الأمر على من يريد أن يتثبّت أو أن يواصل البحث وقطعت الطّريق على من يمكن أن تحدّثه نفسه بأن يدّعي أنّ الكاتبة سفيهة ومدّعية.
وأطربني الكتاب لا لأنّه يفحم تابعي الأسلاف الّذين لا فكر في أدمغتهم فحسب بل ولأنّ فيه جرأة مغالبة العالم لتردّده وخشيته وخوفه وارتياده لمسالك عسيرة وقدرة ثابتة على التّوليد والمقارنة ومقاربة حالمة تبتغي لنا أن نغيّر حقّا ما بأنفسنا.
أيّام بدايات الشّباب ونحن نصبو إلى أن نبدّل العالم تبديلا ونتوق إلى فهم موضوعيّ لما نحن فيه وما نحن ماضون إليه ونسلك لذلك دروب استقراء الماضي بما يختلف عمّا كان يردّده على أسماعنا هوّاة الكتب الصّفراء وحدها لم نكن نجد كتابات تعلّمنا النّقد والتّمحيص والتّثبّت إلاّ لدى بعض قليل من مستشرقين كان يشيع الطّعن السّهل في ما كتبوه بمجرّد القول إنّهم خدمة ومتربّصون.
واليوم ،بهذا الكتاب وبكتب أخرى غيره من جنسه وجدّيته، أصبح في وسعنا أن نجادل ونحاجج بالفم الملآن
وسيمتلك باحثونا أكثر فأكثر الجرأة على ارتياد الوعر والتّأمّل فينا في ما نحن فيه بفكر ثاقب وبرغبة التّجاوز.
كم أتمنّى أن يترجم الكتاب إلى العربيّة كي يبلغ أسماع بل أذهان “محلّية” فيرجّها ويحفّزها.
وكم أنا سعيد لأنّ الكتاب فيه تحدّ آخر غير تحدّي مضمونه وشكله : أن كتبته أمرأة.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire