18 sept. 2015

إلى شابّات و شبّان أعادوا الأمل بقلم: الصّادق بن مهنّي

أيا بنات تونس و أبناءها الّذين بادرتم بهذه الهبّة ضدّ مشروع قانون تشريع النّهب و مكافأة الاغتصاب أحيّيكم لأنّكم قبلتموني ـ شيخا ـ في صفوف مظاهرتكم و أقول و أكرّر ملء فمي :أنتم الأمل أعدتم للأمل بريقه و حرّكتم الخواطر بعد أن كاد يغشاها الصّدأ و أبنتم مرّة أخرى أنّ ثورة كهذه الّتي ابتدعتموها لم تنثن ولن تنحني ولن يسحبها إلى وراء لا الباغي و لا النّفاق و لا حلفهما الّذي ما بنياه بل أملي عليهما ، و أظهرتم أنّكم كما ابتدعتم ثورة العصر تبتدعون دوامها، و رأيناكم بحرا قد يهدأ و يلين لكن أبدا لا يهادن و لا يستكين،




هاهم يتحاملون عليكم يطعنونكم بكلّ سكّين حاف و يتهافتون بكلّلسان بغيض و ها أنّ عهر صنائعهم ينفضح و ها أنّ هلعهم منكم يغمرهم جميعا فيخرس بعضهم و لا يقوى بعضهم إلاّ على السّباب و ها أنّ أفئدتهم كما أرجلهم كما ألسنتهم كمل صحفهم تختلط و تنعجن و تتناقض و تهن فيصفونكم بالشّرذمة مرّة و بالخطر مرّة و ينعتكم « زميمهم » بالفوضويين مرّة و يغازلكم « قوّادوهم » مرّة فيزعمون أنّ مشروعهم قابل للمراجعة و التّحسين،
هاهم تنخلع قلوبهم من قدرتكم ـ أنتم من لا تملكون إلاّ عزائمكم ـ على تحريك النّاس و الشّارع على امتداد الوطن و هاهم يتهافتون عليكم بهراواتهم فلا يحصل لهم من ذلك سوى أن تزداد أعدادكم و هاهم تنشقّ صفوفهم بعد أن حسبوا أصفوفهم صلدا و أنّنا قد تراخينا وخنعنا و أنّ في وسعهم أن يقودونا إلى حتفنا و نحن بشكرهم نلهج،
ها هم يحاصرونكم من كلّ ناحية وصوب فتنفتح لكم نواح جديدة و ينقشع أمامكم وعر الدّروب،
ستحقّقون ما ستحقّقون و سنظلّ نرنو إلى النّور حتّى ندركه حتّى و إن كان الثّمن قانيا لكنّكم حقّقتم بعد الكثير:عدتم إلى دهئرة الفعل و جررتم أو ناديتم ساهين إلى دائرة الفعل و استعدتم المبادرة و كشفتم تواطأ و خيانات و جشعا و طمعا و استعدتم شارعا تهافتوا عليه كم مرّة و في خلدهم أن يسحبوه إلى الأبد من تحت إصراركم و أفشلتم خططهم مرّة أخرى كما فعلتم في أوت 2011 و أفريل 2012 و ظهروا جميعهم على حقيقتهم و قد عجنوا في طينة واحدة مستبدّين همّهم إخماد أنفاس الشّباب و أن يستقرّ العسف بين أيديهم،
أنا معكم و ليس لي من حلّ سوى أن أكون معكم،
مازحني صديق قال :  » ما لي أراك لا تسامح و أنت السّمح قد أعلنت قبل غيرك أنّك لا ترنو إلى تعويض و لا تبتغي أن ترى جلاّديك يعاقبون و أنّك تشتهي أن ترى بلدك يسوده الوئام قبل انغماض عينك؟ »
ذكّرت صديقي أنّني خالفت و من كنت معهم في الشّبكة الوطنية لمقاومة الفساد والرّشوة(أقول خالفنا و لا أدّعي أنّنا تصدّينا رغم أنّنا ذهبنا حينها حتّى استقالتي على الملإ) تهافت المتهافتين على الصّفح قبل أيّ محاسبة أو مساءلة و مسارعة رئيس الّلجنة الوطنية لتقصّي الحقائق حول الفساد و الرّشوة بإعدهد مشروع مرسوم »يتعلّق بتيسير التتبّعات القضائية و الإدارية ضدّ ممارسات التعسّف في استعمال السّلطة و الرشوة و الفساد و التعويض بعنوانها خلال الفترة المتراوحة بين 7 نوفمبر 1987 و 14 جانفي 2011″ و قد جاء فيه على وجه الخصوص:
ـ  » الفصل 8 :يعفى من العقوبات المرشي أو الواسطة في جرائم الرشوة أو المستفيد من جرائم الفساد الذي بادر من تلقاء نفسه بإبلاغ اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة و الفساد المحدثة بالمرسوم عدد7 لسنة 2011 المؤرخ في 18 فيفري 2011 أو المحاكم المتعهّدة بإرشادات أو معلومات تمكّن من كشف تلك الجرائم و إثباتها،
كما يعفى من العقاب البدني كل من بادر من تلقاء نفسه بإبلاغ اللجنة بحصوله على امتيازات غير قانونية أو غير مشروعة ذات علاقة بإساءة استعمال واضح للسلطة و القانون من قبل الرئيس السابق و أصهاره و المقربين منه،
و لا يمنع الإعفاء من العقاب من إرجاع العائدات المتأتية بصورة مباشرة أو غير مباشرة من الجريمة، »
ـالفصل9: يتم سماع المبلغين والضحايا و الشهود و الخبراء فرادى في غياب ذي الشبهة و لا تجري مكافحتهم به أو بغيرهمن الشهود إلا برضاهم،،،، »
حدث هذا و الحال غير الحال ،غير أنّ صاحب مشروع القانون الّذي تعارضونهـ نعارضه كان وقتها هو من يمسك بالسلطة و يتبجّح بأنّه يحكم وحده
وإذا ما نحن قارنّا بين مشروع المرسوم و مشروع القانون فإنّنا سنجد لهما رغم الفوارق أصلا مشتركا و سعيا غايته واحدة كما سنكتشف أنّهما يخدمان نفس البغاة و الخدم الذليلين و أصحاب الثروات غير المشروعةو
عليّ أن لا أسهى عن إجابة صديقي
أنا ضدّ استغباء النّاس و أنا ضدّ تبديد الثروات العامّة و أنا أرى أقذر ممارسات المخلوع تتواصل و تترى بل تتّسع ويزداد شرّها و أرى جناة و مرتكبي جرائم يحكمون و يزيّنونو و لذا أنا على قناعة أنّه لا بدّ من المساءلة و المحاسبةو و بصفة علنية حتّى نعلم و حتّى نفهم و حتّى نستردّ وحتّى نعالج و نتوقّى
و لكنّني حقّا لا أتمنّى أن أرى أحدا أيّا كان جرمه في الحبس أو يجلد أو يتشفّى منهة و مع أن يتصالح النّاس لكن ليس مصالحة الاستغباء و التحقير بل مصالحة تبنى على الوضوح و الاعتراف و لا تتّخذ المخاتلة سبيلا و منهجا
لو قالوا لنا من هم المعنيون بالتّجاوز و عرّفونا بجرائرهم و نظرنا معا في الأوضاع و القوانين و المنظومات و الإجراأت التي يسّرت التجاوزات و الفساد والجرائم و لو استرجعت خزينة الدّولة ما نهب منها لكان لي موقف آخر
أنا مسامح لكنّني  » مانيش مسامح » طالما كان في الأمر مخاتلة و استغباء و تحيّل و خداع و تواصل الفساد »
شباب تونس الواعي بنات و شبّانا!
شرف لي أن أقف إلى جانبكم و أن أشارككم حلمكم بوطن عادل و للجميع و أن يمنحني نضالكم نفسا و سعادة و تفاؤلا !
و من حقّكم عليّ أن أصارحكم بما أراه بخصوص مساعيكم:أرى فيكم صدقا و بذلا و إخلاصا و شفافية …
أرى فيكم رفضا للانقلاب على تلكم الأيّام الخالدات…
قلبي يخفق لكم لكنّي أدرك صلابتكم و عنادكم البهيّ و أعلم أنّ سير التّاريخ 
الصادق بن مهنّي