6 oct. 2016

خواطر الأيّام الصّعبة - 4 -

عبّرت في الخاطرة رقم2 عن أملي في أن لا ينجرّ القضاء وراء المناورات الخسيسة الّتي صنعها و ما زال يصنعها زبانية لا ضمير و لا وازع يقيّدهم ...
و ها أنا ذا أعود إلى الموضوع من دون سابق برمجة...
علمت أنّ صديقا أصنّفه بين الحكماء و الصّادقين حضر ملتقى ذا بعد دوليّ تناول بالدّرس موضوع مقاومة الفساد منظورا إليه من زاوية النّوع أو الجنس ("الجندر") قد أشار ضمن تدخّل ثريّ حول أخلاقيات القضاء و ما إلى ذلك إلى ما أسماه "فضيحة الاعتداء و الادّعاء على لينا بن مهنّي " و عبّر عن استغرابه من أنّ التّشكيلات المنظّمة للقضاة المنادين بالحرّيات وباستقلالية القضاء و المناهضة للتّعذيب والفساد و المعاملات المسيئة و مختلف أصناف التعدّيات قد صمتت بخصوص هذه الكارثة و لم تصرّح عن أيّ موقف منها أيّا كان و فاتها أن تدلي بدلوها إلى جانب تشكيلات كثيرة و متنوّعة تنشط ضمن المجتمع المدنيّ تجنّدت تنتصر للينا و تقوّي جانبها و تتصدّى لمهزلة الدّولة هي أولى المتضرّرين منها و غاب عن أذهانها أنّ استقلالية القضاء تكرّس أيضا برفض مثل تلك التصرّفات الخرقاء الّتي ما تزال لينا و عائلتها يدفعون ثمنها من أمنهم و صحذتهم و بعدم الانسياق وراء الادّعاءات الباطلة شكلا و مضمونا و الحرص على الفصل المنصف و السّريع في القضايا الّتي يكون أحد أطرافها ذو صلة بأجهزة الدّولة...
و أنا إذ أروي ما رويت إنّما تدفعني رغبة جامحة إلى أن أحلم جهرا بفصل قضائيّ يمكّنني من أردّ بما يفحم على كلّ أولئك الّذين يصنّفوننا ضمن السذّج لأنّنا لجأنا إلى العدالة و عرّضنا بذلك أنفسنا إلى تهلكة أكبر و لأنّنا -حسب زعمهم- نجري وراء سراب قاتل و نطلب إنصافا من محصّنين ضدّ المحاسبة...

-خواطر الأيّام الصّعبة - 3

خواطر الأيّام الصّعبة - 3 -
من فرط تهاونهم بالحقيقة و الحقوق و عدم انضباطهم لواجباتهم و تعوّدهم على الافتراء و الكذب و البهتان و الاعتداء دون خوف محاسبة من فرط ما تأخّرت لم تعد تثنيهم لم يتردّد المعتدون على لينا و أهلها و من هناك على الدّولة و نقابة أساسية دعمتهم في أن يدلوا بتصريحات متضاربة تناقضت بين هذا و ذاك و تناقضت حتّى ضمن تصريحات هذا أو ذاك...
النّقابة قالت أنّ ممّا يؤكّد أن لا اعتداء حصل على لينا أنّها لم تمت وهي المعروفة بهشاشة صحّتها (ألا يمكن أن يعني هذا أنّهم و هم يضربونها كانوا يدركون خطورة ما يفعلون و رغم ذلك لم يرعووا عنه) ثمّ عرّفت لينا و والدها بأنّهما من أزلام النّظام السّابق و من المتاجرين بحقوق الإنسان عكسهم هم ثمّ مضت حتّى إلى اتّهام المسؤول الأوّل الّذي حصل الاعتداء في عقر دارهم بأنّه تواطأ مع لينا و عائلتها... بعض المعتدين ردّدوا كالببّغاوات أنّه لا سابق معرفة لهم بلينا ( و هم قد استبطنوا هنا القول بأنّ الاعتداء قد حصل على نكرة وكأنّه من المرخّص لهم أن يعتدوا على النّكرات )... بعضهم قال أنّه لا يعرف لا لينا و لا والد لينا ثمّ تبجّح بأنّه سار خلفهما حتّى منزلهما يوم وصولهما و أنّه كان يتتبّع خطى الوالد كلّما جاء جربة طوال عشرين عاما... بعضهم قال إنّ لينا اقتحمت مقرّ المنطقة و بعضهم قال إنّها أدخلت إليه عنوة و بعضهم قال إنّها دفعت إليه ممسوكة من كتفيها... و جميعهم سعوا إلى أن يخلطوا بين اعتداءات ثلاثة حصلت ( على لينا فعلى والد لينا و من معه ثمّ على والدة لينا و من معها) و حاولوا الإيحاء بأنّ الاعتداءات الثّلاثت حصلت في نفس الآن و معا... و في تناقض مع ذلك تحدّث بعضهم عن أنّهم تصدّوا لمهاجم غير معروف يدخل المقرّ عنوة ثم ّ لمهاجمتين جاءتا تبغيان دخول المقرّ دون إذن بدعوى أنّ ابنتهما موقوفة فيه... و في تناقض آخر أكّد بعضهم خلال المكافحة و في تصريحات أنّ رئيس المنطقة لم يعلمهم بأنذ والد لينا و والدتها قادمان و بالتّالي فقد تعاملوا معهما كمهاجمين... و من مهازل الدّهر البوليسيّ أنّ بعضهم ادّعى أنّه تمّ تعنيفهم من قبل لينا و والدة لينا ...أمّا التناقضات في الأوقات و الوقائع و غيرها فقد أخصّص له خاطرة لاحقة...و إلى هذا ألاحظ أنّ شكوانا الّتي رفعناها ليلة الواقعة ظلّت محبوسة لديهم زمنا مديدا...
يا الدّاخلية عيب و ألف عيب أن تسكتي عن هذه الفضيحة و أن تشيحي بعينيك عن اعتداء طالك فينا وأن لا تتحرّكي لإيقاف غطرسة رجالك و مقرّك و تعليماتك أكثر المتضرّرين منها و أن لا تبذلي جهدا لوضع حدّ لفظاظة و عجرفة و غطرسة تهلك البلاد و العباد أمام أنظارك...
إضافة : لم أتحدّث بعد عن الظّروف الحافّة بالاعتداء و لاعمّن يكون أوحى به و لا عمّن قاده و مآثره السّابقة و اللاحقة... فلكلّ أجل كتاب.

-خواطر الأيّام الصّعبة - 2


لا أدري ما الّذي ينتظره قضاء مدنين ليفصل في الدّعوى الّتي رفعها ضدّ لينا مهووسون لا مندوحة في أنّ وراءهم من حرّكهم ثبت عليهم حتّى من اعترافاتهم ذاتها في القضيّة الّتي رفعناها ضدّهم و ما تزال قيد التّحقيق منذ 2014 أنّهم المعتدون...
و لا أدري ما الّذي يعطّل تدخّل الجهاز الّذي ينتمي إليه المعتدون الأفّاكون لينصفنا و قد لجأنا إليه و أخذت تفقّديته من عمرنا يوما كاملا ثمّ طمأنتنا بأن عبّرت عن قناعتها بحصول الاعتداء و بأن لا مبرّر له و قالت إنّها ستعمل على أن ننصف كما أنّها جسّدت قناعتها بأن أوصت بإحالة الملفّ إلى أنظار القضاء... ثمّ ما قول الدّاخلية في حصول اعتداء بدنيّ و لفظيّ على شخصية من قبل تابعين لها و هي في حمايتها و في محلّ من محلاّتها ؟ و ما موقفها من حصول اعتداءين متتاليين على ذوي الشخصية المعتدى عليها وهم يهرعون إلى محلّ الاعتداء حيث كان ينتظرهم القائم على المحلّ؟ و ما موقف الدّاخلية و قد أثبتت الاعتداء شهادة طبّية وضعت بمقتضى تسخير من مصالحها؟
و هل يصحّ و الحال هذه أن تسكت الدّاخلية عن أعوان اعتدوا على أناس في حمايتها و في حيّز يتبعها و في تحدّ بيّن للمسؤول الأوّل عن الحيّز و عن أمن العباد و هم يتمادون في غيّهم فيرفعون في المعتدى عليهل بزعم أنّها المعتدية؟
و أين مصالح الرّئاسة الّتي أحيطت في الإبّان علما بما جرى و وعدت بالتدخّل؟
و أين المسؤول الأوّل عن أمن العباد في جربة حين الاعتداء ؟ و أين كلّ أولئك الأمنيين الّذين اعتذروا ليلتها و في مناسبات أخرى و استفظعوا الاعتداء و قالوا أنّ لكلّ مهنة بغاتها و مفسدوها؟
و إلى متى تظلّ لينا و تظلّ عائلتها و معها عشّاق الحرّية مجبرين على الانتقال إلى مدنين و مهدّدين بويل؟و متى يظلّ دافعو الضّرائب يرون تضحياتهم تذهب فيما لا يعني؟
الاعتداء الّذي طال لينا طال أجهزة الدّولة جميعها و طال الدّاخلية أوّلا ... و أتمنّى أنّ القضاء لن يتضرّر منه و أنّ ظنّ النّاس فيه لن يخيب بسببه.

2 oct. 2016

زرت السّجن طليقا فزاد يقيني أنّي لم أعش يوما حرّيتي كما عانقتها في السّجن... لا قبل و لا بعد.

زرت السّجن طليقا فزاد يقيني أنّي لم أعش يوما حرّيتي كما عانقتها في السّجن... لا قبل و لا بعد.

خواطر الأيّام الصّعبة - 1 -

و نحن نمضي إلى مدنين حيث كان على لينا أن تردّ على ادّعاءات مهووسين عديمي الضّمير و الرّجولة لم أكن مرتاحا على شعور واحد... بل كانت تتلاقفني الأحاسيس المتضاربة و تعتمل في وجداني مشاعر متناقضة...
كنت سعيدا بهبّة المجتمع المدنيّ و جذلان بهذا الحب ّ الغامر و متفائلا خيرا بقدرتنا على التصدّي للوجع و لإيذاء الخسيسين و لانقلاب الأمل السّاطع سحب رمال مكفهرّة...
و لكنّي كنت في زاوية ما عميقة من كياني أستشعر أو على الأقلّ لا أستبعد تماما أن يحصل للينا شرّ أبلغ من كلّ ما سلّط عليها بعد من شرور...
كنت أبدي لعائلتي اطمئنانا باسما و أدفع عنهم برفق و بما يحسب قناعة كلّ توجّس أو حتّى تساؤل... و لكنّي في حقيقة الأمر كنت أعاني سهام أخبار تواترت و سموم استخلاصات غدت تشبه القناعات...و خيّل إليّ أنّ سلطة لم ترع الأمانة و مؤسّسة خانت الوديعة و جهات قدرت على أن تأمر أو تنفّذ أو تبرّر أو تسكت أو لا تتصدّى أو تقلب وقائع اعتداءات تتالت لتطال على مدى أكثر من ساعة لينا فوالدها و مرافقه ثمّ والدتها و مرافقتها و في حوزة من هم في الأصل حماة لن تتردّد في التّمادي و التعنّت و قد تعمد إلى ما هو أدهى...
و مثلما قلت لأمّي في لحظة صفاء و نحن نمرّ ذات يوم قدّام حبس 9أفريل أنّها لا شكّ ستزورني فيه ناديت لينا و أمّها و قلت إنّ علينا أن نترك للشّكّ حيّزا و لو ضيّقا و أن نتهيّأ لاحتمال إيقاف لينا في انتظار استكمال التّحقيق و لاحتمال أن "تودع" بحبس حربوب حتّى يجدّ ما يصحّح الحال... كنت طبعا أعلم أن ليس ثمّة لا في واقع القضيّة المفبركة ضدّ لينا و لا في الظّروف الحافّة بها ما يدعو إلى الإيقاف أو يصحّ أن يبرّره لكنّي كنت أيضا واعيا بأنّ كلّ شرّ قد أصبح واردا في بلدنا المتحوّل هذا كما ملأتني قناعة بأنّنا غدونا نعيش وضعا سمته أن لا شيء من المواثيق و المعاهدات و لا شيء ممّا حبّر في الدّستور و لا شيء من مبادئ الاستقلالية و الحياد و لا شيء من الضّمانات في وسعه أن يؤمّن لتونسيّ أو تونسية مجرّد سلامته و إن هو لم يفعل ما من شأنه أن ينتج عنه تهديد لسلامته...
و أمام المحكمة راوغت رفيقة أيّامي و ذويّ و ظللت أتحرّك حتّى لا تغدرني ملامح وجه بدأ يصرّ على أن يعكس ما يضطرم في الوجدان ... و دفعت الشكّ الّذي بدأ يتسلّل إلى قلوب كثيرين ممّن جاؤوا يسندوننا و يدفعون الضرّ عن غد أبنائنا...
و بقدر ما كنت سعيدا بهؤلاء الأساتذة الّذين هبّوا و بهؤلاء المدافعين و المدافعات الّذين تكبّدوا المشاقّ و بهذه القامات السّامقة الّتي شرّفتنا بقدر ما كان توجّسي يضّاعف و أنا أرى الوقت يمرّ و يثّاقل ونضال لينا و حماتها الأشاوس لا ينتهي...
و لمّا خرج بعض من الحماة همس في أذني مدافع أنّه غدا خائفا يرى في الوجوه ما ينذر بشرّ فطمأنته و ما كان أحوجني لأن أطمأن...
و خرجت لينا.
خرجت باسمة رغم الوجع والإرهاق.
خرجت يستقبلها النّشيد الوطنيّ.
خرجت يحيط بها الأحبّة.
خرجت نحيّيها و تحيينا.
خرجت و في خروجها تجدّد الأمل و إحياء للحلم.
خرجت و مع خروجها سطع نور تآزرنا و عمّ الخزي صدور الأفّاكين.
[بعد لأي فهمت منها أنّها لم تسمع منّي شكّي و تحسّبي بل رأتني أبالغ و أشطّ حتّى سمعت حماتها يطلبون المترافع تلو المترافع غلق الملفّ و إن لا فإبقاءها في حالة سراح فاستعدّت للأسوإ...
كم كنتم رائعين يا كلّ من توافدتم من كلّ أنحاء البلاد ... من العاصمة و من بنزرت و من الوطن القبليّ و من بوزيد و من صفاقس و من القصرين و من دوز و من تطاوين و من جبلها الشّامخ و من بنقردان و من جربة و مدنين و من كلّ آفاق هذا البلد الّذي سيظلّ بكم شامخا لا ينثني و إن تردّد القدر...
كم كنتم رائعين يا كلّ من كتبتم و هاتفتم و خاطبتم و حبّرتم و حذّرتم و ميّزتم وأقنعتم و تمسّكتم بالحياد و الاستقلالية و وقفتم للحقّ و تصدّيتم لفسق لا فسق بعده و لعسف هو العسف أعمى...
كم أنا ممتنّ لعشّاق الحرّية في هذا البلد و في هذا العالم أفرادا و منظّمات و مؤسّسات ...
ما دام في الدّنيا أمثالكم فاللّيل سينجلي لا شكّ سينجلي ...