25 sept. 2016

الى لينا

إلى لينا
أدرك أنّك تعانين و تكابدين فأنت لم تحفلي يوما بأنّ صحّتك تستدعي عناية استثنائية و لم تكترثي البتّة بأنّ من مستلزمات الفعل أن نتريّث,
و من الطّبيعيّ إذن أن تتهرّأ صحّتك و أن يغدو صمود الجسد استحالة,
غير أنّي أدرك أيضا أنّ فيك في قلبك و في وجدانك ما يحملك على المداومة دون حساب و أنّك إنّما تستمدّين القوّة من وهن القوّة والرّوح من وهن الرّوح و الاندفاع أكثر من خذلان الطّبيعة,,, موقن أنا أنّك إنّما تحيين من التّحدّي و بالتّحدّي,,, و أنّك ستخرجين من أزمتك الصّحيّة هذه المرّة أيضا فتسفّهين أحلام الأنذال و القوّادات و الخسيسين و تفرحين حبيباتك و أحبّائك في كلّ صوب,,,
لقد لك نصر في مدنين و نحن لم نصل مدنين بعد إذ تقاطر أحياء هذا البلد و عشّاق الإنسان حرّا من كلّ البلدان و تداعوا يصدحون بأنّ كلّهم "لينا" و إذ تعاضدت المنظّمات و الجمعيات و الجماعات و الوجوه الطيّبة جميعها تنصر كفاحك و تصدّ عنك الأذى و تذود عمّا تذودين عنه,,, كتبوا و حرّروا و احتجّوا و خاطبوا و "تدخّلوا" و فسّروا و تابعوا و اهتمّوا و تنقّلوا و تكبّدوا مشاقّ السّفر
و هاتفوا و وقفوا و نادوا و رافعوا و ترافعوا و سجّلوا و أخبروا و حبّروا التقارير و الملاحظات و واجهوا بصفاتهم و أسمائهم و وجوههم غير مخفية و بلا مراوغة و قاوموا تبعات تقدّم العمر و وعورة السّفر و بلادة البعض و غدر المنافقين ,,,
و تحقّق بذلك نصر و نصر و نصر ,,, هبّ النّاس و بان مرّة أخرى أنّ في هذا الشّعبشباب و شيب و خصوصا نساء لا يستكينون,,,
وقف معك القريب و البعيد و هم يقولون جميعا إنّهم إنّما يقفون لأنفسهم ,,,
تأزر معك حتّى بعض من الأمنيين بل كثيرون منهم و رأوا فيما لحقك من ضيم عارا أرادوا أن لا يشملهم,,
الأفراد و الجماعات و المنظّمات و الجمعيات و حتّى الأحزاب المناضلة و شخصيات حقوقية و سياسية و ثقافية يعسر عدّها تجنّدوا و ظلّوا يرقبون متهيّئين و ما يزالون متهيّئين,,,
و حتّى السّلطة انتهت إلى الإقرار بحقّنا جميعا في أن نهتف ضدّ العسف و التّزييف و الإفلات من المحاسبة وحقّنا في التمسّك بحقّنا و واجبنا في أن نكون بشرا كالبشر و مواطنين لا رعايا و في أن يكفّ البوليس شرّه عنّا مطلقا ,,,
ابنتي رفيقتي صديقتي
لست أنت فقط من انتصر و من سيظلّ ينتصر
انتصر العقل ،انتصر الحقّ ،انتصرت المقاومة ، انتصر الشّباب ، انتصر النّساء ، انتصر محبّو هذا البلد ، انتصرت حركة الدّفاع عن حقوق الإنسان في هذا العالم ، انتصر الخيّرون ، انتصر الإنسان إنسانا ، انتصرت الحقوق و الحرّيات ، انتصر الأمل الوضّاء ,،،،
نريدك الآن أن تنتصري على علّتك و أن تهزمي المرض الكامن فيك كما هزمته و هزمته مرّا و مرّات و أن تهدئي هنيهة لكي تكون المعاودة أيسر ،لكي تكون المداومة أصلب،،،
فمواعيد التقاء الأحبّة عاشقي الحرّية ما تزال كثيرة،،،


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire