22 déc. 2012

أنشودة حبّ لمسرح الحمراء

 
حلّقت الفراشات, حلّقت العصافير... أشعّت الفراشات أنوارا وألوانا, العصافير غرّدت ـزقزقت ـأنشدت ـ تلراقصت ـ غنّت...
رقصت الأجساد  ـ رقصت الخشبات ـ رقص الديكور ـ رقصت الكراسي...
تفلسف القهر ـ تفلسف الطمع ـ الجشع ـ الطوى  ـ انعدام الشبع ...
كنتُ هنالك ـ كنتَ هنالك ـ كنتِ هنالك ـ كانوا هنالك ـ كنّ هنالك ـ كنّا جميعا نتفلسف ـ نكذب ـ نداهن ـ نراهن ـ نهادن ـ نطمع ـ  ننصاع ـ نتداعى ـ نتداعى ـ ننباع ـ "نطحّن"ـ نتطاحن ـ نهوى ـ نهوي ـ ننقضّ ـ نتناقض ـ يهدّنا الاإحباط ـ نعاود...
نعم رأيتُ الكراسي ترقص ... لكن لم تكن على الرّكح لا فراشات و لا عصافير ! هكضا قالت لي رفيقة زمني .أجبتُ ـ هل أجبتها أم أجبتُني ؟!:ـ رأيت فراشات و عصافير...تألّقت الفراشات و تلألأت...وغنّت العصافير لدرويش و نيرودا و ناظم حكمت  و إليوار ...و أنشدت ديوان الشابي كلّه ...و تذكّرت من نسيناه : المختار اللغماني... و أقسمت معه على انتصار الشمس!
غدا الركح حلبة ,و تجوّلت الحلبة شارعا ـ الشارع الكبير بوسط المدينة ,الشوارع الكبرى بالمدن جميعها...
و انساب ـ انسكب صوتها ـ صوتكَ ـصوتكٍ ـ صوتهم ـ صوتنا من السماء ـ من الأفق ـ من فوق ـ من السماء يدفع الى الخشوع ـمهتمّا ـ مهموما ـ مؤمّلا ـ يترجّى ـ يقرّ ـ يقرّر ـ يأسف ـ يتوعّد ـ يأمل ـ حزينا ـ بهيجاـ مثلَها ـمثلُك ـ مثلكٍ ـ مثلهنّ مثلنا ...لا لم تكن ليلى غائبة:كانت حاضرة  بذلك الصوت ـصوتها...كانت حاضرة بتشاؤمها ـ تشاؤلها ـ تفاؤلها...كانت حاضرة و رأيتها في "قنّون"يراقص ـ يلاعب يهدهد كلامها و ترجّيها...لماذا كان مبدعونا ـ و كسرحيّونا خصوصا ـأقلّ من هادن وداهن و تمطّط و تبنفسج و باع عمره و هواه و قدره؟
وأليس لذلك بالذات كان  مبدعونا و مسرحيونا الضحايا الأوائل للعلم الأسود؟
الشارع الكبير تحوّل الى الرّكح...رأيناه ينبض ـ ينبذـ يتحرّك ـ يتحرّر...رأيناها عيونا ضاحكةوجمالا متوّثبا و حناجرصدّاحة و قبضات رفيقة وألقا متوّثبا وعزما عازما  و انبهارا يبهر...
الشارع الكبير أيّام 14و 15و 16و 17و 18 جانفي بانعتاقه و بغازه و رصاصه و تآمره و انقضاضه و بتحدّيه و تصدّيه و اندفاعه وطفولته...
و القصبةُ...و القادمون سيرا على الأقدام من منزل بوزيّان...النّائمون عند عتبات الحكّام ... المتمرّسون بأحلامهم البسيطة ـ الجميلة - البهيّة...
شارع الجزيرة إستعاد شيئا من بهجته  ـ من ثورته ك تجنّبته مظاهرات جانفي 2011, فانتفض متذكّرا فيفري 1972, وبلطف و تأنّ و تؤدة جذب إليه الشارع ـ كلّ الشوارع و البطاح و استضافها بال"حمراء"لدى طوبال و عز الدين...
يا ليلى صوتكٍ ـ صوتنا ـ خشيتك خشيتنا ـ رجفتك رجفتنا ـ همومك همومنا ـ صبرك صبرنا ـ و انطلاقتك أملنا ...كم أنت حلوة : صوتا يملؤنا...وكم أنت حلوة تلتحفين العلم و تنيرين الشموع و تفتحين المجال لمارسيل في مسرح بوقرنين...و كم أنتـ نحن و أنت تقاومين القدر : تظاهرا و غضبا صدّحا و ابداعا يبدع رفضا  و يفتح الأفق أمامنا واسعا و مغالبة للخبيث يرهقك ولا يهدّك...
أيّها المبدعون و يا مبدعات : رقصنا معكم و بكينا معكم و أشفقنا معكم و تنادينا معكم و ـقسماـ!سننتصر معكم...
شعبنا شعب المستحيل:لا يستحيل عليه الانتصار العصيّ...و لا يستحيل عليه الانكسار ساعة الانتصار ...نعم شعبنا ينكسر  حين يسهل عليه أن لا ينكسر : انظروا حنبعل  يراوح مكانه  تغريه روما  و هو ينتظر !انظروا حنبعل يزرع البلد زيتونا و أخضر ثمّ يصرف أو ينصرف ...انظروا خير الدين يفتح الباب للعصر ثمّ ينباع ـ يبيع و ينصرف...انظروا بن غذاهم انظروا فرحات ...انظروا انكساراتنا بعد جانفي 1978و جانفي 1984, و انظروا من حكمنا بعد انخلاع المنخلع أوّلا و ثانيا و ثالثا, و رابعهم هو الذي لا همّ له إلاّ أن يسدّ الأفق أمام أحلامنا! لكنّ شعبنا  اعتاد الكرّ ـ تربّى على المعاودة ـ كبحره يهدأ لكنّه سرعان ما يعود يثور ـ صبور  لكنّه حين ـ يجدّ الجدّ و يقول القوم  "من فتى"؟ لا يناور بل يستجيب...
غيلانكم غيلان يغلبها " غيلان"...غيلانكم منّا و فينا وسننزعها منّا و فينا...غيلانكم بهجة الأفق ما يزال يسدّه شيء من حلكة و دم سرعان ما سينقشعان...

ملحق: سؤال الى المستبدّ:أسألك .هل تعرف معنى هذا الشعر ـ الكلام ـ الأغنية : "يطير الحمام...يحطّ الحمام"؟
قطعا لا ...و لذلك سيطير الحمام و يحطّ ثمّ يطير و يحطّ و يطير ...و لذلك ستظلّ مستبدّا جهولا حتى...تنخلع
 
 
 
 .    

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire