24 janv. 2016

انت في جربة



أنت في جربه نصف ساعة فقط يفصل عن منتصف اللّيل، طقس ربيعيّ بل صيفيّ لولا الضّباب و الرّطوبة ، تودّ لو كنت على الشّاطئ تصطاد و تتأمّل و ترتاح لكنّ انضباطك يمنعك ، قمر جميل ينير دنياك مغازلا و مناجيا و هامسا أو مناغيا : " تعلّقت همّة شبابكم بالقمر لنيله و خابوا بل أفلحوا و لكن من دون أن يستمرّوا فقلت أطلّ أعزّي الصّادقين و أمنع عنهم شماتة المتجبّرين"
البحر خذلني هياجه و أعشابه ولكنّه أمتعني أراه كما كنت أراه هو هو ثابت حتّى في تبدّله لا يرتضي المناورات الحمقاء و لا يناور
و الآن أهزج لبومة تغنّي ،أقول تغنّي و لا أسمعها تنعق أكراما لرفيقة دربي تتفاءل بصوتها كما كانت والدتي، بومة كلّفت نفسها حراسة بيتنا المنعزل تظهر نفسها كلّما حللنا تطمّننا و كأنّما تقول : "اسعوا حيثما شئتم فالبيت بيتي أحميه و أحميه" و كلّما مرّ كلب أو قطّ تآزرت عليه مع أختها أو رفيقها حتّى ينصرف
و غير بعيد عنّي في الاتّجاهين جرأة الخوّافين انفلتوا بعد ثورة لم يعملوها و صلف من لم يجدوا ليبرزوا جهدا فجعلوا ادّعاء حراسة دين اللّه لهم مطيّة و جهلة يخالون ألسنتهم تنطق بالحقّ الرّبّانيّ و أدعياء توهّموا قدرتهم و فطنتهم و ريادتهم في أن يشوّهوا ما أورثنا الأجداد ويبدّلوه تبديلا و كأنّما هم بذلك يتحدّون نظما لطالما خضعوا لها و هانوا يسترضونها ، يدمّرون تراثا حلوا ينطق يسبّح يجذب يحكي يروي يشهد يعلّم
و غير بعيد يقلعون نخلا و النّخل مهدّد
و تسمع عن بعد دعوات من انتصبوا دعاة و زعامات و قبلة لم ينصّبوا بل انتصبوا ينادون إلى فرز و إلى إقصاء و إلى تمييز بل ميز و إلى نصب المشانق و الإبعاد
ما كانوا أبدا ليكونوا و لن يكونوا
فالتّاريخ و إن هو مكر من حين لحين عن مجراه لا يخرج و مجراه في مجراه بيّن
الصّادق بن مهنّي
23 جانفي 2016

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire