27 janv. 2015

جلاد جلادون


فضّلت أن يعرض حوار الجلاّد لأنّ الإعلان عنه_ و قد تكرّر _ عرض في حدّ ذاته لكنّه عرض منقوص عدم استكماله أسوأ من استكماله و لأنّ في العرض ما كان يمكن استخدامه من قبل المدافعين عن حقوق الإنسان و مناهضي التعذيب بالذّات للمطالبة بموقف صريح بخصوص ممارسة التعذيب بصفة ممنهجة من قبل الدّولة التونسية أمس و اليوم فالجلاّد الذي هو موظّف دولة وما زال في الخدمة قد أعلن التعذيب "نضالا وطنيا" و أكّد أنّه ممارسة معتادة وأنّها طالت المعارضين يمينا و يسارا و استهان بالمواثيق الدولية و القوانين المحلية إذ تحدّى ضحيته بأن يرفع به قضيّة وبيّن ما لا يعترف به "المسؤولون" من أنّ التعذيب لم يكن يوما وليس تجاوزا فرديا بل أداة حكم يشترك في استخدامها لفائدة من هم في السلطة أعوان الأمن وأطبّاء ويسبق استخدامها تدريب متخصّص و لم تكن يوما (ولن تكون؟) موضوع محاسبة كما أظهر أنّ الجلاّدين محصّنون ضدّ المساءلة و المحاسبة بل و يفخرون ب"بطولاتهم" و لا يخامر ذهنهم حتّى مجرّد الاستحياء من نظرات ضحاياهم .و لأنّني أعتقد أنّ الجلاّد لم يتكلّم من تلقاء ذاته و لقّن مسبقا خطابه و أنّه على أيّ حال تكلّم باسم السّلطة باعتباره ما يزال في الخدمة فإنّني أرى أنّ هذه "المبادرة" كانت فعلا واعيا يدخل ضمن سلسلة الاعتداءات التي تلاحقت في الفترة الأخيرة تستهدف النشطاء و سلسلة التعديات التي تبرّر بدعوى محاربة الإرهاب وذلك التبختر المستهتر الذي تتالى متحدّيا القوانين والمشاعر و السلطة ذاتها,
و عليه فإنّني أرى أنّ التصدّي لهيمنة القمع ولتمدّد عنف السلطة و لغلبة التوحّش عليها و حتمية مواصلة النضال من أجل حقوق الإنسان تستدعي أن ترفع قضايا لا ضدّ عملية البثّ بل اعتمادا على المحتوى ضدّ الدولة و أجهزتها أوّلا ثمّ ضدّ الجلاّد ذاته وضدّ كلّ من قد يتضامن معه بأيّ شكل من الأشكال و أن يتمّ السعي إلى التقاضي محلّيا و دوليا,
كما أرى أنّ على النيابة العمومية أن تفتح تحقيقا حول لبّ الموضوع ذاته أي التعذيب كممارسة رسمية و أن تسارع لجنة "الحقيقة و الكرامة"إلى محاولة التقصّي حول جرائم التعذيب باستدعاء الجلاّد و أعرافه و ضحاياه و بافتتاح أعمالها التنفيذية بدءا بهذه الجريمة,
و أرجو أن لا يتمّ إتلاف ما كان مبرمجا للبثّ و كامل ما حصل تسجيله فهو قد غدا بعد ملكا عامّا و جزءا من ذاكرتنا الجماعية بل ارى أنّه قد يكون من المفيد حتّى أن يتمّ البثّ شريطة أن تتبعه نقاشات موسّعة و جدّية
و لأنّ جريمة التعذيب فظاعة تمنعها المعاهدات و القوانين و لأنّ التباهي و المفاخرة بها جرم في حدّ ذاته و لأنّ في اعترافات الجلاّد (وليس البحّاث مثلما قال المنشّط نفاقا) ما يؤكد الجرائم المرتكبة من قبل أجهزة رسمية فإنّني _كمواطن_ أنتظر مبادرة"الرؤساء الثلاثة" بإعلان موقف بيّن و لا لبس عليه و مناداتهم إلى الكفّ فورا عن كلّ مسّ بكرامة النّاس و تآزرهم لتفكيك منظومة التّعذيب و إعلان اعتذار الدّولة لضحايا التعذيب و ذويهم وللشّعب كافّة,
ولأنّ لي معارف و حتّى أصدقاء مارسوا السلطة أو يمارسونها و بالتّالي شاركوا أو يشاركون في تحمّل مسؤولية جرائمها لفإنّني أدعوهم إلى المبادرة بإعلان مناهضتهم الصّريحة للتّعذيب وانخراطهم في الجهد الرامي إلى القطع معه و أنا أتمنّى أن لا يدفعني خوفهمأو نفاقهم و رياؤهم وتنصّلهم إلى احتقارهم,
أمذا الجلاّدون و كلّ من مارسوا ويمارسون التّعذيب فإنّني أتمنّى لو تبادر السّلطات بوضع برنامج استعجاليّ لعلاجهم و أن يظهر من بينهم من تكون له الشجاعة الكافية لإعلان ندمه بل خزيه,

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire