27 oct. 2011

لا وقت للنّحيب... لا داعي للنّحيب

حبّتي فتيانا وفتيات ! مالي أراكم حزانى، واجمين، سوداويين ؟! نعم اِنتصرَ ظلاميون، واِنتصرَ جهلة، واِنتصرَ المال الفاسدُ، واِنتصرَ النّظام القديم بما تركه في هذا البلد من جهل وطمع وقدرة فائقة على التّسليم والتصديق والتصفيق وبفلوله التي عملت من جحورها ولكن أيضا من مواقعها المتقدّمة والمشرّشة في السلطة وأجهزتها، واِنتصرَ الشّقاقُ السائد بين الجهات والجهات وبين النّاس والنّاس، وبين من لا حقً للشّقاق في أن يتسلّل إليهم، واِنتصرَ طاغوتُ الذين قدموا إلينا من وراء البحر شمالا وغربا وشرقا بخبرائهم ومالهم ونصائحهم بل أوامرهم، واِنتصرَ علينا كلّ من رأى في ما اجترحتموهُ زلزالا سيعصف بعروش كثيرة ليست عربية كلّها وانتصرَ من غازلنا وجاملنا وغدرنا،
واِنتصرت حلكةٌ تآزَرَ على بسطها من كان في السلطة ومن تستغويهم السّلطة ومن لا همّ لهم إلاّ الاحتفاظ بالسّلطة !
نعم، يوجد خطر داهم يتهدّد ألوانكم البهيّة المتعدّدة ، وإبداعاتكم التي شهدت بها الشوارع والجدران والشاشات والكتب والشعراء ! نعم، نشدتم حريّة مطلقة، وابتدعتم أجنحةً خارقَةً، واعْدتم للكلمات معانيها وللأغاني صداها، وأعطيتُم لعمرنا عمرًا، وأطلقتم عُقَالَ خيالكم وخيالنا، وفتحتم لنا أبواب العالم والأمل مشرعَةً ! وأنتم/أنتنّ الآن معرّضون لاحتمالات الخنق والرّبط والضّبط !
نعم، في الأفق ضباب، ورياحٌ سودٌ، ونعيق بومٍ، واحتمالات دماءٍ ودموعٍ !
لكنّكم أحبّائي تعلمون وتدركون وتعرفون أنّكم جَمَلُ محامِلٍ لا تُطحَنُ الأشواكُ بغير أضراسكم، وأباةٌ لا حدّ لإصراركم، ومقامرون مغامرون متمرّدون ثائرون حالمون مبدعون لا رادّ لكم !
ألستم أنتم من قال ذات يوم في القصبة، وفي كليّة 9 أفريل التي فتحها أمام أصواتكم رجلٌ بألف رجل : "إن عادوا، عدْنا !"
ألم تصدح تلك البهيّة/ ألم يصدحُ ذاك البهيّ الذي عالج خوفي على ثورتكم وهي توشك على الشروع في النجاح ونحن واقفون مردَةً كالمحيط الهادر أمام الداخلية بأن قالت/ قال لي : "إنْ فشل الكبار في رعاية ثورتنا وأهدروها، فإنّنا سنعيد الكرّة يا عمّي!"،
ألم تصدَح تلك البهيّة/ يصدَحْ ذلك البهيّ بصوتكم جميعا ؟! ألم يأت ردّهُ من أعماقكم كلّكم ؟
حبيباتي، صديقاتي، رفيقاتي، بناتي، أبنائي وأحبّتي : دربنُا طويل وطويل وطويل وصعبٌ.
لكنّ قدّرنا أن نصبر ونتعب ونقاوم ونتصدّى.
وجميلٌ أنّنا نزعنا عنّا عباءة الخوف، ومزّقنا جلابيب التزلّف، وتعلّمنا كيف نشدو، وكيف نعدو بلا قيودٍ، وكيف لا نقصّ أجنحتنا بأجنحتنا، ولم نعدْ نخشى شيئا ولا أحدًا.
وجميل أن تنجليَ الأمورُ أمامنا منذ بداية الدّرب فتضعنا، بعد الطاغية الفاسد الجبان الهارب، أمام طغاة جُدُدٍ/قُدامى، يدركون أن عليهم أن يحسبوا لأعيننا وأيدينا وحناجرنا ألف حساب، فإمّا أن يناوروا فيتنازلوا ويزيّنوا فننازلهم ليتنازلوا أكثر ! وإمّا أن يستبدّوا ويتّضخّموا ويتهوّروا ويختالوا فننازلهم حتّى ننزلهم !
أعزّائي، عزيزاتي ! لا وقت للحسرة والأسى والبكاء !
عزيزاتي، أعزّائي ! لا وقت إلاّ لمزيد الاِبداع والعطاء !

                                                                الصادق بن مهني
                                                               25 اكتوبر 2011 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire