17 déc. 2011

ننصركم ظالمين ومظلومين وظالمين !

صدر بجريدة الموقف يوم 17 ديسمبر

نصرناكم وننصركم وسننصركم.
نصرناكم وننصركم وسننصركم ظالمين ومظلومين وظالمين.
نصرناكم ظالمين وأنتم "تغزون" الجامعة، تتسرّبون إلى مفاصلها في سبعينات القرن الماضي ثمّ في ثمانيناته.
نصرناكم بأن تصدّينا نفسّر ونشرح ونعلّل ونفضح ونناقش ونحاور.
نصرناكم بأن لم نعاملكم إلاّ باللين، ثمّ بالصّبر على عنفكم والإصرار على أن لا نفعل أكثر من أن نتصدّى كلّما هاجمتم.
نصرناكم بأن تغاضينا عن تحالفاتكم غير البريئة ولم نصفكم لا بالعمالة ولا بخيانة الشعب ولا بالتآمر رغم أنّنا كنّا ندرك من محرّضكم وحاميكم ودافعكم بل مسخّركم.
نصرناكم بأن واصلنا نضالنا ضدّ الطاغية ولم ننصّبكم طاغية بدل الطاغية، عكس ما فعلتم.
نصرناكم بأن دعوناكم إلى الحوار، وإلى التآخي، وأن تنظروا في أنفسكم وخوالجكم وبأن مددنا لكم اليد المرّة بعد المرّة رغم هرجكم ومرجكم وتجنّيكم.
وأذكر أنّني خاطبت البعض منكم مطلع الثمانينات أدعوكم إلى الانضمام إلى جهدنا السرّي نبعث به الفرع التّونسي لمنظّمة العفو الدّولية فرفضوا واستخفّوا وثلبوا.
ثمّ نصرناكم مظلومين بأن ذدنا عنكم، وحمينا من استطعنا حمايته منكم، ولم نناوئكم لنكافئكم على مؤازرة الطاغية ضدّنا... دافعنا عنكم هنا وهناك في الغرب الذي فرّ إليه غالبيتكم... وأسندناكم وفتحنا لكم الأبواب ما استطعنا إليه سبيلا... ولم نتصدّ لكم إلاّ بالفكر والحوار والردّ على دعاويكم بالكلم الطيّب، لا باليد ولا بالترويح الظالم قذفا بالحجارة وقذفا بالألفاظ النابية والتهم المفبركة...
ونصرناكم إذ استقبلناكم وأنتم تعودون من مهاجركم القسرية والاختيارية فأكرمناكم وفتحنا أمامكم الشوارع والساحات والهيئات والقصبة...
ونصرناكم ظالمين بأن غضضنا الطرف عن مناوراتكم ولم نركّز نظرنا على تكتيكاتكم الساعية إلى الهيمنة، وسكتنا عنكم رغم أنّنا اِنتبهنا إليكم تدخلون الهيئات حينما تشاؤون وتخرجون منها كلّما شعرتم بالحرج أو لتفرضوا رأيا أو لتتفصّوا من التزام، ثمّ تعودون فأنتم تحضرون كلّما ناداكم غُنم اشتممتموه، وتغضبون كما تغضب الزوجة فتقصد منزل أبيها كلّما أربككم موقفكم أقليّة لا بدّ لها أن تتنازل... أمضيتم على ما تبيّن لكم صلاحه لكم أنتم لا صلاح الشعب والوطن، وتفصّيتم كلّما خيّل إليكم أنّ التزامكم لا يصلح بكم وإن صلح للشعب والوطن... تركتمونا ننظم ونهيّء ونخدم الانتخابات واِنتشرتم تجنّدون وتحشدون وتشتموننا...
ضممناكم إلينا إخوة وشركاء في بناء غد مشمس لنا جميعا، وتناديتم تنقضّون على الغد تبتغونه لكم وحدكم لا شريك لكم فيه إلاّ الطّماعون اللاهثون وراء فئات... رفعنا أصواتنا ضدّ المتمسّكين بسلطة بادت وحرّكنا الشوارع والدّروب وظللنا نحرس أحلام الشهداء والجرحى ونضع اللبنات الأولى لتحوّل أردناه سلميا صحيحا ثابتا وهادئا وللجميع، وهيّجتم علينا من يرمينا بالزيغ والكفر ويضربنا ويمنعنا ونصّبتم أئمّتكم  -وما هم بأئمة- كلاب فكر ينبحون كلّما عبّرنا وحتّى قبل أن نعبّر.
نصرناكم حتّى وأنتم تحصدون أصواتا كثيرة، وتتخلّون منذ الثواني الأولى لزحفكم غير الخالص، بل حتّى قبل ذلك، عن تعهّدات قطعتموها طوعا على أنفسكم وتنصبّون هذا خليفة وذاك أو ذاك رئيسا لكن صوريا، وتحوّلون الثورة عن أهدافها، وتنسحبون من تحالفات إلى تآلف، وتبنون عملا وقولا وادّعاء وتهريجا سلطة غاشمة لأيامنا القادمة... نصرناكم بسكوتنا عنكم وقبولنا بتصدّركم... نصرناكم بأن نبّهناكم وحذّرناكم ولم نناوئكم...
ونصرناكم وننصركم بأن تشبّثنا ونتشبّث بآمال  شعبنا ونادينا وننادي إلى تحقيق أهداف ثورته هو لا أهداف الساسة والمتربّصين بالغد يبتغونه نفوذا وسلطة وإن فسدت.
ونصرناكم بأن ظللنا بريئين حالمين لا نناور ولا نبيع رأينا وفكرنا ببهرج أو تنفّذ... لم نناور لا ضدّكم ولا معكم ولم نتهافت مثلكم على أجوارنا وغير أجوارنا شرقا وشمالا وفي أقصى الغرب نظهر لهم بياض أيدينا ونوايانا ولم نبحث عن دعم وسند إلاّ هنا وممّن لهم مصلحة في أن تستمرّ الثورة وتثبت... لم ننصّب أنفسنا ديبلوماسيين قبل الأوان ولم نقدّم شواهد الإخلاص ولم نحلف على أن نحافظ على الموازين والأمر الواقع ولم نتعهّد لأيّ كان بأيّ أمر لا خفية وسرّا ولا في العلن... وفعلتم...
ونصرناكم بأنّنا لم نركّز على ما فعلتم وتفعلون ؛ واكتفينا بالمناداة إلى أهداف الثورة، أهداف الكرامة والتنمية والحرّيات...
ونصرناكم وسننصركم بأن رفضنا ونستمرّ في رفضنا... رفض مجاراتكم ومحاباتكم والاصطفاف معكم...
نصرناكم وننصركم وسننصركم بفضح غيّكم وتجنّيكم وانصباب اهتمامكم على سلطة لا يهمّكم أن تكون ظلمة ونارا وريحا صرصرا...
وسننصركم ما دمتم ودام عهدكم الآتي... سننصركم بأن نتصدّى لكم منذ اللحظة ودائما كلّما أسأتم وناورتم وكذبتم ؛ وكلّما تهافتم تلقون بشباككم على توقنا إلى الشمس والأهازيج، وكلّما رأيناكم تصنعون لنا قيودا جديدة وتطوقوننا بجدران عزل كجدران العزل بل أنكى...
سننصركم بأن نقول لكم أحسنتم إن حدث أن أحسنتم ولو قليلا.
وسننصركم بأن نناديكم إلى الصالح العام كلّما أعمى بصيرتكم صالحكم أنتم دون الصالح العام.
وسننصركم بأن نتشبّث بحقّنا في ملء الشوارع كلّما عنّ لنا، وبأن نغنّي كلّما حلا لنا الغناء وأن نصرخ كلّما لم يبق أمامنا إلا الصّراخ...
سننصركم بأن لا نهدأ وأن لا نستكين وأن لا نمنح ثقتنا إلاّ ببرهان بل براهين...
سننصركم بمراقبتكم ومعاتبتكم وإثنائكم وكشف ألاعيبكم وفضح ازدواجية خطابكم بل تناقضاته...
لن نهتمّ بمن هو الرئيس ولا بمدى صلاحياته التي ضبطتموها له وقبلها (ولعلّ خير ما عبّر عن واقع الرئاسة أنّ الخليفة السادس وصفها وهو يخرج من قبّة التهافت بأنّها رئاسة بالنّيابة !)
ولن يهمّنا من هم الوزراء وكتاب الدّولة، والمحرّكون من خلف السّتر... لن تهمّنا إلاّ أفعالكم وتشريعاتكم ودستوركم الذي ستصنعون...
سننصركم بأن نذكّركم كلّ حين ولحظة بأنّ عليكم أن تنخلعوا وتنصرفوا ليس بعد حين بل بعد عام أو عام ونيف، وأن لا أحد ولا الصناديق قد نصّبتكم على البلاد والصدور لأكثر من عام أو عام ونيّف...
سننصركم بأن نضحك منكم وعليكم على تهافتكم وتمترسكم وبدعِكم (أفليس تنصيب رئيس مؤقت للجمهورية دون ضبط أجل دقيق لرئاسته بدعة ؟! وأليس الإعلان عن الحاكم الأكبر حتّى قبل فرز الأصوات بدعة ؟! أو ليس التكالب على ما تخالونه مغانم بدعة؟! أوليس اغتصابكم للكلمات بدعة ؟! انظروا ما فعلتم بكلمات كالوفاق الذي حوّلتموه اصطفافا بهيما، والديمقراطية والأغلبية وقد حوّلتموهما استبدادا وتفرّدا، وتمثيل الشعب الذي حوّلتموه إقصاء للشعب الذي هو وحده السلطة الأصلية وسيّد نفسه، والحقّ في التظاهر الذي حوّلتموه خيانة ترتكبها حثالة...)
سننصركم وننصركم وننصركم...
سننصركم بأن لا نصبر عليكم 23 سنة...
سنراقبكم وننبّهكم ونغنّي ونصرخ ونتنادى ونتجاوز عسرنا ونبني بشكل أفضل ونصلح ما بأنفسنا، وبأن لا نهاب ولا نخشى ولا نهلع...
ثورة شعبنا –شبابنا-شاباتنا نزعت من قلوبنا الخوف.
ولن يعود الخوف إلى أفئدتنا أبدا.
"غاز، كرتوش، التوانسة ما يخافوش"
"لا خوف، لا رعب، السلطة ملك الشعب".
سننصركم كما ننصركم. ولكم أن تختاروا.
سندعمكم كلّما صلح رأيكم وأصغيتم. وسندعمكم بصدّكم والتصدّي لكم كلّما تماديتم في غيّكم وفي اغتيال أزهارنا...
ولن تخضعونا... لن تخدّرونا لا بالكلمات ولا بالترويع...
ولن نقبل بأن تنقلبوا علينا كما انقلب المخلوع على بيانه...
لن نسكت ولن نستكين ولن نخدع ! 

قسما : لن نسكت ولن نستكين ولن نخدع !

ملاحظة : كتب صباح الثلاثاء 13 ديسمبر 2011 بعد النّصب وقبل التنصيب.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire