3 déc. 2011




                                                                                     الصادق بن مهني
                                                                                     2 ديسمبر 2011

قدرنا أن نصمُدَ. وسنصمد.
قدرنا أن نُناضل. وسنناضل.
قدرنا أن نعاني ونتعب ونضحّي.
قدرنا أن نعاند قدَرَنا.
قدرنا أن نجعل قدرنَا ينقادُ إلينا مرّة أخرى ولا ينقطع عن الاستجابة  لإرادتنا.
سيشتموننا ويهينوننا ويعتدون على الحرمات ويسرقون فرحنا  ويهدمون أحلامنا ويستأثرون بالقرار ويدّعون العصمة ويحاسبوننا باسم الربّ وينسبوننا إلى الكفر والبهتان ويلصقون بنا كلّ ما هو متأصّل فيهم من دمغجة وتسلّط...
بل إنّهم فعلوا ويفعلون : شتمونا ويشتموننا، أهانونا ويهينوننا، اعتدوا على الحرمات ويعتدون، سرقوا كثيرا من فرحتنا ومازالوا يسرقون، هدموا نسق أحلامنا ولم يكفّوا، اِستأثروا بالقرار وادّعوا لا تمثيل الشعب وحده بل قالوا أنّهم يوحى إليهم، ناوروا وكذبوا ونوّعوا الأساليب والعبارات ولم يتردّدوا يوما في نفي التأكيد وتأكيد الخطإ دون تسميته أي وسمه بأنّه عمل أو قول غير موفّق وكفى، ثمّالعودة إلى نفي نفي التأكيد، ولوّنوا مغالطاتهم وعلّوا أصواتهم ترهيبا، وتهافتوا على التلفزات والإذاعات والصحف يشبعوننا تقريعا، ويجنّدون الأقلام والألسن لتتّهمنا بما ليس فينا ولتنزّههم وتبيّض أقوالهم وتبثّ دعاويهم وتشيع كيدهم...
وهم إن استأثروا بالسلطة، ومن الأرجح أنّهم سيستأثرون، سيضربوننا بالهراوات ويسمّموننا بالغازات، ويمنعون عنّا الشوارع والساحات، ويكمّمون أفواهنا ويكسرون أقلامنا، ولوحات حواسيبنا ويدفعون بنا إلى ظلمات السراديب، وسيجرحون بل وسيغتالون حتّى الكثير منّا... إنّهم طاعون لا طعم ولا صوت ولا رائحة له، قدموا من عورات ذاك الذي انخلع لم يجد القرى إلاّ لدى مراجعهم ومثلهم الأعلى.
إنّهم ريح صرصر يريد لها أسياد من الغرب وخدم أسياد شرقيون أن تعصف بياسميننا وأن تئد ربيعنا زهرة بعد زهرة وأخضر بعد أخضر، وأن تلقي بنا في غياهب جلابيب تدّعي البياض وبراقع تنشر الحلكة ويتآزر جميعها مع أحذية مرتفعة الأثمان وسترات عسكرية تفضح أصلها وتؤشّر عمّا يعتزمونه لنا من ترويع وإخماد...
إنّهم جهلوتٌ يدّعي أنّه ينفرد بالحكمة والأصلح والأصليّ... إنّهم مسيْلَمةُ ينسج من كلماتنا شباكا تقيّدنا، ويخيّلون للناس أنّهم الأغلبية وأنّهم إنّما صعدوا بالديمقراطية وصندوق الاقتراع وتمثيلهم للشعب... ثمّ ينفخون في طبولهم ويدقّ عليها مأجورون هنا في بلدنا هذا الوديع وهناك في شرق لا يحبّنا سادته ومفتوه، وفي غرب همّه أن لا نبلغَ من الإدراك ما يزاحمه... ثمّ يرصدون لنا كلّ من هبّ ودبّ من فاسدين يتستّرون هربا من المساءلة وحتّى يستمرّوا في فسادهم، ومن طامعين في جاه أو مال أو غطاء يعوّضهم ما كان لهم من جاه أو مال أو غطاء من عهد نريد أن يندثر إلى الأبد ولا يهمّهم أن يبقى ويتضخّم مادام الصولجان-ولو زائفا- في أيديهم...
نعم، إنّهم سيغوون الشّعب أو كثيرا منه... بل إنّهم سيرصدون لنا حتّى بعضا منّا ممّا لم ينزعوا الخوف من قلوبهم، ومن المهادنين الطماعين، ومن القائلين بالمثل السّاقط "أخطى رأسي واِضرب"، وممّن هوايتهم التمسّك بسرابات الصحارى...
بلى، إنّهم سيستأسدون  بل سيتغوّلون كلّ يوم أكثر، وسنراهم يمضون نحو مغالاة لا حدّ لها في صلفهم وادّعائهم وبهتانهم، وستشتدّ شراستهم... وسريعا ما سيبثّون عنفا متخفّيا يدفعونه في السّتر ويلعنونه علنا لكن بعبارات تقبل تآويلهم وإن تكن متضاربة وشتّى...
إنّهم لحظة تاريخية صعبةٌ قدّت في مخابر خَبَرَتْهم وانقادوا إلى علمها... إنّهم ضعفنا ومهادنتنا وما انكسر فينا  طوال نصف قرن أو أكثر عُوِّدنا خلاله على القبول بما هو أقلّ سوءا وعلى أن نخنق أصواتنا طلبا للبقاء وعلى أن نقصّ أجنحتنا بأيدينا حتّى لا نُرَى نحلّق فتقصف أعمارنا...
إنّهم أقوى بلغتهم وفتاويهم وسراباتهم ووعودهم الجوفاء..
ونحن أضعف لأنّنا وإن كنّا صدى الآتي وتباشير الشمس الوضّاءة، ومستقبل المستقبل مازلنا لم نحذق الخطو الثابت، ولم ننزع منّا ما بُثّ فينا من جزع ومن تشتّت ومن تناحر الإخوة ومن براءة طفلية...    
لكنّهم الماضي يتشبّثون به، يتعلّقون بستره، يصخون إلى وحيه وأضغاثه ؛ ونحن المستقبل، نحن التوثّب، نحن الصّفاء...
لكنّهم فقهوا بعدُ كلّ شيء وكفّوا عن أن يتعلّموا ؛ ونحن نحبو، نتدرّب، نتطلّع ونزداد كلّ يوم كفاءة.
إنّهم يعدّون لنا الهراوات وصراخهم على كلّ صاحب سؤال لا يودّونه، ووعيدهم لكلّ من ليس منهم أو هو منهم ولكن بشيء من الاختلاف... إنّهم أصحاب التحالفات الهشّة والمفبركة والمضلّلة والطّمّاعة... إنّهم المتكالبون على النفوذ وعلى التاريخ وعلى مطامح الشباب وعلى المناصب والعروش ؛ ونحن شبابنا غنّى ويغنّي للحريّة / شاباتنا يهزجن بقَسَم الحياة الحلوة ونداءات المساواة والعدل والتنمية الحقّة التي لن تكون إلاّ بعرقنا ومن كدّنا تحدّي جهاتنا المتراكم من عشريات بل قرون / حَنقُ فنَانينا ومسرحيينا وكتّابنا وبحاثينا المشرّشين في وطنهم والباسقة فروعهم في سماءِ الأرض كلّها/-عزم نسائنا اللواتي يصنعن يومنا، يصدحن في مظاهراتنا، يهبن فلذات أكبادهنّ، يعشقن الفرح ويقدّسن إنسانيتهنّ كاملة ويربّيننا على العطاء وحبّ البقاء والمداومة...
قدَرُنا أن نصمد وأن نناضل وأن نبذل بسخاء.
وسنصمد ونناضل ونقاوم ونبذل بسخاء.
دَمُنا، أنفاسُنا، صِغارنا، كبارنا، فتياتنا، شيوخنا، أحلامنا، برامجنا لحياتنا، كلّها فداء لنصر قادم، قادم لا محالة !
سنصمد ولن نركع.
سنصمد ولن ننخذل... لا لأصحاب اللحى القديمة ولا لأصحاب اللحى المتنامية ولا للحجب المتطاولة على الأنوار والصّفاء !
فلتجتمعوا علينا من كلّ أرهاط وكلّ تجنّ وكلّ زيف وكلّ بطلان.
ولتتمترسوا وراء المدّعين والباغين... ولتزيدوا أحزاننا علينا وعلى الوطن وعليكم بني الوطن الخاسرين... ولكن لتعلموا، ولتتأكّدوا : لن نخنع ولن نغادر كما غادرتم ولن نهرب منكم كما هربتم ولن نضع أيدينا في غير أيادينا...
وكما الشّمس تطلع كلّ صباح سنفاجئكم، سندحر جحافل الجهل والظلماء وسنحنو عليكن ولن نقسوا-لن نثأر-لن نغدر-لن نحجب-لن نحبس-لن نعزل...
سنطلع لكم من كلّ الساحات والثنايا ومن كلّ معهد وكليّة ومشفى ومصنع، ينطلع لكم من الحقول والغابات ؛ سنطلع لكم من أفئدتنا وعزمنا وفرحنا وشدّة إيماننا بالآتي بهيّا ؛ سنطلع لكم بحناجرنا لا تسكت عن هتافها، وقبضات أيدينا تؤشر للنصر، وصناديق سنستردّها ؛ سنطلع لكم بدون عنفكم، بدون أن نكون أضرابا لكم بل نقيضا دائما حريصا ونظيفا...
لن ننتظركم نصف قرن أو عشرين سنة... لن نصبر عليكم...
قدرُنا أن نغلب حتّى القدر.
قدرنا أن يغلب النّور الدياجير، كل الدّياجير وإن تحالفت وتكاتفت.
وستنهزمون، تنهزمون وتندحرون لأنّ هزيمتكم فيكم، هزيمتكم فيكم، هزيمتكم فيكم !

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire